حكمت أبو زيد
أستاذة جامعية، ووزيرة
في هذه المقابلة تتحدث الدكتورة حكمت أبو زيد، الأستاذة بقسم الاجتماع في كلية الآداب بجامعة القاهرة، وأول سيدة تتقلد منصب وزيرة في مصر، حيث عينت وزيرةً للشئون الاجتماعية في عام 1962، عن تعليمها الذي استمر حتى تخرجت من كلية الآداب قسم التاريخ بجامعة فؤاد الأول في عام 1940، ثم حصولها على درجة الماجستير من جامعة سانت أندروز بأسكتلندا في عام 1950، ثم على درجة الدكتوراه في علم النفس من جامعة لندن بإنجلترا في عام 1955، وعملها أستاذة بقسم الاجتماع في كلية الآداب. تحدثت أيضاً عن نشاطها السياسي، حيث تزعمت مظاهرات الطالبات ضد الاحتلال الإنجليزي، وكانت السيدة الوحيدة في اللجنة المركزية في الاتحاد الاشتراكي العربي، وأطلق عليها الرئيس جمال عبد الناصر لقب “قلب الثورة الرحيم”.
تحدثت حكمت عن حياتها الأسرية، وانتمائها لأسرة وطنية مثقفة، وعن والدها الذي عمل موظفاً بهيئة السكة الحديد، والذي اعتبرته رجلاً تقدمياً، كونه مستنيراً وشغوفاً بالتعليم، ومؤمناً بأهمية تعليم الفتيات مثل الفتيان، وذلك رغم اعتراضات أسرته واعتقادهم في عدم جدوى تعليم الفتيات. وتتذكر أن ثقافة والدها كانت أحد فضائله عليها، لما أمدها به من منابع العلم، والدراسة، والحصيلة العالية من الكتب التي مكنتها أن تتفوق دراسياً. التحقت في بداية دراستها بمدرسة أولية، ولم يكن هناك مدارس أولية بالقرية التي نشأت بها، وهي قرية “الشيخ داود” بمركز القوصية التابع لمحافظة أسيوط، لذا اضطرت إلى الالتحاق بمدرسة في مركز ديروط. وتتحدث عن رحلتها إلى المدرسة، التي كانت درباً من الكفاح، حيث كانت تتطلب رحلتين بالقطار، وبالرغم من ذلك، تمسكت بالمدرسة وبالتعليم تمسكاً شديداً. التحقت بعد ذلك بالمدرسة الابتدائية في محافظة سوهاج، نظراً لتنقل والدها المستمر بسبب عمله. وبدأت في المدرسة تعلم اللغة الإنجليزية، وعندما انتقل والدها إلى أسوان، التحقت بمدرسة ابتدائية أخرى بأسوان، كانت اللغة الأجنبية بها هي اللغة الفرنسية. تتذكر أسوان والآثار الفرعونية الموجودة بها، وجمال الطبيعة والمراكب الشراعية والرحلات النيلية، وكيف استمر ارتباطها بها طوال حياتها.
التحقت بعد ذلك بالقسم الداخلي بمدرسة “حلوان الثانوية”، التي تعتبرها من المؤثرات الحيوية في تكوينها العلمي والثقافي، بفضل مناخ الدراسة الذي كان يضم كفاءات عالية، مثل الأستاذة أسماء فهمي، مدرسة التاريخ، التي تتذكر وطنتيها الشديدة وقدرتها على تنمية محبة طالباتها لمادة التاريخ، وأن تجعلها إحدى ركائز حياتهن، وكانت هي من قامت بترشيح حكمت للسفر في بعثة إلى الخارج. تتذكر أيضاً معلماتها الأخريات، ومنهن الأستاذة إحسان القوصي، والأستاذة نظلة الحكيم، التي تحدثت عن اهتمامها بطالباتها اهتماماً كبيراً على النطاق الدراسي والشخصي، وكيف كانت تحرص على الاستماع لشكاوى الطالبات وتشجعهن على الإدلاء بآرائهن. وتذكر أحد مواقفها عندما أرسلت خطاباً إلى عصبة الأمم بالنيابة عن حكمت، لتحتج على المعاملة الوحشية التي لاقاها المشاركون والمشاركات في التظاهرات ضد الاحتلال، وهذا بالرغم من اعتراضها على مشاركتها في المظاهرات وقيامها بفصلها. وقد تحدثت عن نشاطها السياسي وكيف دفعها حب الوطن لقيادة مظاهرة اعتراضاً على سحب الدستور ضد الاحتلال البريطاني عام 1936، وهي ما زالت طالبة بالمدرسة الداخلية.
التحقت بعد المدرسة بقسم التاريخ في كلية الآداب بجامعة فؤاد الأول، وتذكر أن عميد كلية الآداب آنذاك، الدكتور طه حسين، كان قد أدخل مجانية التعليم للفتيات، وقام بتشجيع فتيات، مثل سهير القلماوي وغيرها، على الالتحاق بالكلية. وقد ألحقها بقسم اللغة الفرنسية، لكنها ذهبت لمقابلته وطلبت منه أن تلتحق بقسم التاريخ، وقد رفض في البداية، لكنه استسلم لرغبتها أمام إصرارها الشديد. أقامت في القاهرة بمدرسة داخلية لفتيات الجامعات أقامتها الأستاذة نبوية موسي، والتحقت بمعهد التربية فور تخرجها، وتتلمذت علي يد كريمة السعيد.
أصبحت بعد انتهاء دراستها الجامعية أستاذة مادة التاريخ في مدرسة “حلوان الثانوية”، وكانت ناظرتها آنذاك الأستاذة عزيزة نجيب. تتذكر علاقتها الوثيقة بطالباتها وكيف تأثرن بها بشكل كبير، كما تأثرت هي بمعلماتها السابقات، وكيف جعلت مادة التاريخ مادة محببة لهن.
سافرت في بعثة إلى إنجلترا. وقد حصلت على درجة الماجستير من جامعة “سانت أندروز” بأسكتلندا في عام 1950. حصلت أيضاً على دكتوراه في علم النفس من جامعة لندن في عام 1955. بعد عودتها، تم تعيينها في “كلية البنات” التي أنشأتها الأستاذة أسماء فهمي، والتي تحولت في عام 1955 من “المعهد العالي التربوي” إلى “كلية البنات. تتذكر أنه في عام 1956، تم القيام بعمل تدريبات عسكرية مع الطالبات بعد العدوان الثلاثي تحسباً لأي هجوم. انضمت إلى الهلال الأحمر في ذلك الوقت، والتحقت باللجنة القومية التي ضمت سيزا نبراوي وإنجي أفلاطون.
تتذكر نشاطها السياسي الذي استمر بعد المرحلة الجامعة، وكيف ألقت الخطب بهدف توعية المواطنين أثناء الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961. ثم استكملت القيام بالتوعية السياسية في أعقاب النكسة، إذ تحدثت عن ذهابها إلى الكفور والقرى من أجل بعث روح المقاومة والمثابرة. كما أنها خصصت مقالاتها بجريدة “الجمهورية” من أجل نشر الوعي السياسي وروح الانتماء من خلال استخدام نماذج تاريخية.
تتحدث عن اختيارها عضوةً في لجنة الميثاق، وكانت السيدة الوحيدة في اللجنة المركزية بالاتحاد الاشتراكي العربي آنذاك. وقد أصبحت بعد ذلك أول وزيرة، وتولت مسئولية وزارة الشئون الاجتماعية، من خلال عضويتها في اللجنة المركزية التي جعلتها مسئولة عن وزارة الثقافة والتعليم، والتعليم العالي، والبحث العلمي.
بعد تركها للوزارة، عملت أستاذةً بجامعة الفاتح في ليبيا، وحصلت على نوط الفاتح العظيم. وعندما عادت إلى مصر، بدأت في التدريس في قسم علم النفس والاجتماع بكلية الآداب، جامعة القاهرة، ودرست الاجتماع الحضري والاجتماع الريفي. وتتذكر كيف أصبح عدد من تلامذتها إما رؤساء أقسام أو وكلاء لكلية الآداب، ومنهم الدكتور إسماعيل عبد الباري، والدكتور أحمد زايد، والدكتور محمود الكردي.
آمنت حكمت بأهمية العمل السياسي، وهو ما دفعها أن تصبح عضوة في مجلس المحافظة مع عائشة عبد الرحمن، ومفيدة عبد الرحمن، ونوال السعداوي، وكريمة العروسي، وسعد الدين وهبة، وفريد أبو حديد. تتلمذت على يدها طالبات أصبحن رائدات في مجالات مختلفة، مثل نوال السعداوي، وآمال فهمي، ونعمات فؤاد، وعواطف البدري، وزاكية رشدي، ونبيلة إبراهيم.
قامت حكمت بتشكيل لجنة وطنية في لندن بالتعاون مع فايق فريد، وعبد العظيم أنيس، وأحمد أبو زيد؛ ومن أعمال اللجنة قيامها بالانقسام إلى تجمعات عمالية لتكون بمثابة منصات للتعبير عن الثورة، كما كانت أيضاً عضوة في اللجنة الاجتماعية بالمجلس الأعلى للثقافة. تحدثت كذلك عن قيامها بإنشاء مستشفى، ومدرسة قرآنية، ومكتبة في قريتها “الشيخ داود،” وقد أطلق اسمها على أحد الشوارع الرئيسية بها. قامت أيضاً بدفع المصروفات السنوية لطلبة الجامعة ولطلبة الإعدادي والثانوي المقيمين بالقرية، مما دفع أهل القرية إلى تسمية المدرسة الابتدائية باسمها. أيضاً قامت بعمل وديعة يخصص عائدها لمحدودي الدخل من الطلبة بقسم الاجتماع بكلية الآداب، جامعة القاهرة.
صدر لحكمت عدة مؤلفات، من بينها كتاب “التكيف الاجتماعي في الريف المصري الجديد”، وكتاب “التاريخ: تعليمه وتعلمه.”
اعتبرت حكمت نفسها شخصية قومية عربية، وليست مصرية فقط، وإلى جانب حسها الوطني واهتماماتها السياسية وحرصها الشديد على خدمة وطنها بكل ما لديها من إمكانيات، اهتمت أيضاً بالقراءة والاطلاع، وآمنت بفكرة “الإنسان الموسوعي” الذي لديه المعرفة الكافية في كافة المجالات. كما اهتمت بالعلاقات الإنسانية قبل العلمية مع طلبتها خلال فترات قيامها بالتدريس.