loading...
إيزيس فؤاد حنا

ارشيف التاريخ الشفوي إيزيس فؤاد حنا

إيزيس فؤاد حنا

ناظرة مدرسة

في هذه المقابلة تتحدث إيزيس فؤاد حنا، رائدة التعليم والناظرة ومستشارة التعليم، عن رحلتها مع التعليم والعمل، حيث تخرجت من كلية التربية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. عملت إيزيس فؤاد في مدرسة “المانور هاوس” في عام 1954، وتولت عدة مناصب. ومن أهم انجازاتها قيامها بتطبيق طرق غير تقليدية وحديثة للتعليم، واستخدام مناهج غير متعارف عليها في وقتها مثل فروبل ومونتيسوري مما أدى إلى نتائج تعليمية ناجحة.

 

التحقت إيزيس وعمرها 3 سنوات بمدرسة الراعي الصالح، وظلت بها لمدة 3 أشهر فقط، لذلك ليس لديها ذكريات عن تلك المرحلة. التحقت بعد ذلك بمدرسة “الإرسالية الإنجليزية”، وتتذكر كيف تعلمت بها الالتزام الشديد، وكيف اهتمت معلماتها بها نظراً لفقدانها والدتها وعمرها 9 سنوات. اهتمت في هذه المرحلة بالقراءة، وقد حرصت إحدى معلماتها، وتدعى مس “بيري”، على ألا تذهب إلى المنزل دون أن يكون معها كتاب لقراءته حتى لا تشعر بالوحدة. بعد انتهاء دراستها المدرسية، كانت رغبتها هي الالتحاق بكلية الطب، وذلك بسبب اقترانها بطبيب، وقد شجعها على ذلك والدها المحامي شديد التفتح، الذي درس بكلية أسيوط الأمريكية، لكنها التحقت في النهاية بقسم التربية بالجامعة الأمريكية، بناءً على توصية مدرستها الثانوية، نظراً لموهبتها الملحوظة في مجال التدريس. التحقت بقسم التربية دون علم زوجة والدها، التي اعتبرتها والدة لها، والتي كانت رغبتها هي أن تتزوج ابنتها، وأبدت اعتراضا شديداً على أن تستكمل تعليمها. أثناء دراستها بالجامعة الأمريكية، تلقت تدريباً في الكلية الأمريكية تحت إشراف هيئة “فولبرايت”. تذكر أنه في عام 1955 تم إغلاق قسم التربية بالجامعة الأمريكية، وكذلك كلية التربية بالزمالك. كما تذكر أنها في عام 1956، وبعد العدوان الثلاثي، شاركت في عدد من تظاهرات جمعية الشابات المسيحيات ضد الاستعمار.

عملت فور تخرجها بالكلية الأمريكية لمدة عامين، ثم انتقلت في عام 1954 للعمل بمدرسة “المانور هاوس” في الزمالك، وكانت ناظرتها في ذلك الوقت مس “بولن” إنجليزية الجنسية. وتتذكر أن الناظرة كانت تتبع أسلوباً تقليدياً في التدريس، وقد رغبت هي في تقديم أسلوب جديد في التدريس اسمه “لنظر وقل”، وأتيحت لها الفرصة، وأتى هذا الأسلوب ثماره وحقق نتائج باهرة مع الطلبة، ولذلك طلبت منها بولن تلقين هذا الأسلوب لباقي أعضاء هيئة التدريس، وذلك رغم صغر سنها، حيث كان عمرها 19 عاماً فقط.

تحدثت كذلك عن علاقتها بزوجها، وكيف قامت على المحبة والتعاون والتفاهم، وكيف شجعها كثيراً وساعدها على تعلم اللغة العربية التي لم تتعلمها في المدرسة. اضطرت بعد ذلك للسفر مع زوجها الدكتور منير الذي انتدب للعمل بمديرية التحرير لكي يرأس الإدارة الطبية، وعُرض عليها تولي مسئولية الإشراف على المدارس والنواحي التربوية الخاصة برياض الأطفال، واستقبال الضيوف، وأمور أخري، وقبلت العرض، رغم أنها أشارت إلى عدم رغبتها في ترك التدريس. تم بعد ذلك تأميم المدرسة بعد تركها لها بيومين فقط، ورحل غالبية المدرسين الأجانب، وتولت الأستاذة ماري سلامة رئاسة المدارس، وقد طلبت من إيزيس العمل معها في مدرسة “المانور هاوس” في بورسعيد. وبالفعل بدأت العمل بالمدرسة، وتتذكر أنها تعلمت من السيدة ماري الإدارة والحزم والاهتمام بمظهرها بوصفها قدوة لتلاميذها. أشرفت إيزيس حنا علي المرحلة الابتدائية، لكنها لم تكن سعيدة بهذه الوظيفة، ويرجع ذلك إلى رغبتها في التدريس، الذي قامت به إلى جانب الإشراف، حتى تولت رائدة التعليم الأستاذة معالي كيرا نظارة المدرسة. وتتذكر كيف أحبتها واعتبرتها بمثابة شقيقة أكبر لها، كما تتذكر نجاحهما في العمل معاً، وكيف تعلمت منها محبة الناس وتقبل الآخر والتمسك بالجانب الإيجابي في كل إنسان، بغض النظر عن الجانب السلبي، واستمرا في العمل معاً حتى سافرت معالي إلى السعودية وأصبحت إيزيس ناظرة المدرسة لمرحلة الروضة والابتدائي.

سافرت في عام 1980 إلى نيجيريا بسبب عمل زوجها الذي سافر للتدريس بكلية الطب هناك، وظلت بها لمدة 5 سنوات. وبعد عودتها، طلبت منها رائدة التعليم الأستاذة ماجدة موسى أن تقوم بعمل التدريب بمشاركة الأستاذة معالي كيرا للمدرسين بالمدرسة التي كانت بصدد انشاءها، وهي مدرسة “مصر للغات”، التي استمرت إيزيس بالعمل فيها بوصفها مستشارة للتعليم بعد انتهاء التدريب، كما عملت مستشارة في مدراس رائدة التعليم نوال الدجوي أيضاً، وكذلم مستشارة لمدرسة تجريبية بالزمالك.

لم تشعر أن كونها امرأة قد عرضها لأية معوقات خلال فترة عملها، حيث آمنت بالمساواة، وهي الطريقة التي تعاملت بها سواء في علمها أو في منزلها مع زوجها، كما آمنت بأن المرأة لديها القدرة التامة على القيام بكل ما يقوم به الرجل. وبالرغم من ذلك، إلا أن كلمة القهر ارتبطت في ذهنها بالمرأة المصرية وما تلاقيه من معاناة في حياتها بشكل عام، ولكنها ترى أنها بدأت في الحصول على حقوقها، خاصة بعد أن استطاعت الحصول على حقها في التعليم، وذلك سواء عن طريق جهود الدولة أو جهود الجمعيات الأهلية والمجتمع المدني. وترى أن تعليم المرأة وخروجها للعمل يعد من علامات تطور المجتمع، وأنهما قد منحا المرأة قوة الشخصية وزادا من التعاون بين المرأة والرجل. تحدثت إيزيس أيضاً عن بعض الظواهر السلبية التي انتشرت في المجتمع ولم تكن سائذة فيه، ومنها ازدياد أعداد الطلاق، وكيف كانت الأسرة أكثر تماسكاً فيما سبق، وكذلك ظاهرة التعصب الديني، التي ترجع إليها السبب في تأخر البلاد، وترى أن سببها الأساسي هو الفقر.

اهتمت إيزيس بتطوير طرق التعليم، والابتعاد عن الطرق التقليدية المتعارف عليها، خاصة في مرحلة رياض الأطفال، وذلك نظراً لأهميتها الشديدة من وجهة نظرها، فقد شبهت التعليم بالمنزل الذي لا يمكن أن يقام دون أساس، ومرحلة الروضة هي ذلك الأساس. وقد حرصت على بث روح الابتكار وحب التعلم لدى الأطفال، كما اهتمت دائماً بتحليهم بصفة الأمانة، وكانت طريقتها في تعليمهم تلك الصفات هي أن تتحلى هي نفسها بها، وأن تكون قدوة لهم. اعتمدت على أسلوب التعلم عن طريق اللعب، وعدم استخدام القلم إطلاقاً في السن الصغير، كما حرصت على تعليم المواد الدراسية، وخاصة الرياضيات، للأطفال عن طريق الفهم وليس الحفظ فقط، وحافظت مع طلبتها على علاقة قائمة على الود والتفاهم.

تفتخر إيزيس بالذكرى الطيبة التي تركتها في نفوس الآخرين، وبالعلاقات الإنسانية التي ربطتها بزملاء العمل، التي استمرت حتى بعد أن تركت العديد من الأماكن التي عملت بها.