في هذه المقابلة، تتحدث حنان عبد المجيد، مؤسسة شركة “كاميلايزر” ومديرتها التنفيذية عن مسارها المهني الطويل في مجال ريادة الأعمال، وعن مشهد ريادة الأعمال في مصر خاصة فيما يتعلق بالنساء، وأيضًا عن عائلتها ودعمهم لها، وعن تأثير جائحة كورونا المستجدة على حال ريادة الأعمال والأعمال في مصر بشكل عام.
تخرّجت حنان في الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1993، وتخصصت في مجال علوم الحاسب الآلي. جاء تخصصها في هذا المجال بمحض الصدفة، ولكنها عندما استكشفته بتأن، وجدت فيه نفسها وشغفها، خاصة في مجال تطوير البرمجيات. تتحدّث حنان باستفاضة عن دور الجامعة الأمريكية بالقاهرة في حياتها، وقضائها فترات طويلة في معمل الجامعة أثناء الدراسة، وتكوينها لصداقات استمرت معها لمرحلة ما بعد الجامعة، حتى تحولت إلى شراكات عملية. بعد تخرجها في الجامعة، أنشأت بالاشتراك مع أصدقائها شركة “مايكرولابز”، وهي شركة مستلهمة من شركة “مايكروسوفت” العالمية. وبالرغم من نجاح الشركة، إلا أن حدوث خلافات بين المؤسسين/المؤسسات أدّى إلى إغلاقها بعد عامين. تتحدّث حنان عن قسوة هذه التجربة، والدروس المستفادة منها. عَمِلَت بعد ذلك في مؤسسة حكومية، وهي مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، وقضت هناك ما يقرب من عام، ولكنها تؤكد أنها أثناء عملها في المركز، ظلّت تبحث عن فرصة لتنفيذ أفكارها الخاصة. أثناء فترة عملها في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، انبهرت بالإنترنت كان المركز أحد مؤسستين فقط في مصر تتمتع بخدمة الإنترنت. كانت تشعر أنها ترى المستقبل بعينيها، وأنها في حاجة ماسة لأن تكون هي شخصيًا جزء من هذا التغيير الذي سيجتاح المجتمع في مرحلة ما، وكان هذا الشغف والانبهار أكبر بكثير من أي مخاوف ساورتها. انتقلت بعد ذلك إلى شركة “لينك دوت نت” الشهيرة، والتي ساعدت في إنشاء العديد من المواقع المهمة على شبكة الإنترنت، والتي استمر بعضها إلى يومنا هذا، مثل مواقع “مصراوي” و”يلا كورة”.
أما عن أسرتها، فتقول حنان إن دعمهم كان كبيرًا جدًا لها ولعملها، حتى عندما ساورتهم بعض الشكوك حول تأسيسها لشركتها الخاصة “مايكرولابز”. تقول إن والدها كان دائم الابتسامة والسماحة، ودائمًا ما يسأل سؤال “لِمَ لا؟”، بدلًا من “لِمَ؟”. علمها والدها أيضًا أهمية الثقة بالنفس، وكان لا يثبط عزيمتها أبدًا. أما والدتها فعلمتها أهمية مفهومي الكرامة والالتزام. لم تهتم أسرتها يومًا بتزويجها كما هو الحال بالنسبة للكثير من الأسر المصرية التقليدية، بل اهتموا بتنمية مهاراتها، وبتعليمها ومساراها المهني.
تعود حنان بذاكرتها للوراء، عند حدوث الثورة المصرية، فعندما حدثت الثورة، اكتشفت حنان في نفسها أن ما يعطيها دفعة للعمل هو الشعور بأنها تصنع فارقًا في عملها، وتحديدًا في السوق. تؤكد أن المكسب المادي مهم، ولكن التغيير والإبداع أكثر أهمية بالنسبة إليها. دعاها أحد أصدقائها لجولة في الحرم اليوناني التابع للجامعة الأمريكية، ووجدت نفسها تطلب منه حجز أحد المكاتب لها، وهنا ولدت “كاميلايزر”. تقول حنان إن الفكرة وراء الاسم تتعلق بصفات الجمل، فالجِمال حيوانات جميلة في رأيها، تتمتع بالصبر والجلد، وتحمل بداخلها المياه تحسبًا لأيام من العطش، وهي الصفات التي أرادت حنان أن تتمتع بها شركتها الجديدة. شركة “كاميلايزر” شركة استثمار ملائكي angel investment، مهتمة بالعمل مع الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في مرحلة البذرة، وتساعدهم في العبور للمراحل التالية، حتى يصبح لديهم “منتج” يسوقونه ويبيعونه.
حصلت حنان أيضًا على زمالة “أيزنهاور” في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث قضت سبعة أسابيع تؤكد أنهم أثّروا كثيرًا في حياتها. كانت حينها رئيس تنفيذي لإحدى الشركات، وكان من الصعب أن تترك عملها وأسرتها لقضاء بعض الوقت في الولايات المتحدة، إلا أنها كالعادة فكرت في الأمر بسؤال نفسها “لِمَ لا؟”.
عند سؤالها عن تخصيصها لنسبة معينة من استثماراتها في الشركات الناشئة التي تقودها النساء من عدمه، قالت إنها لا تخصص نسبة معينة، ولكنها تؤكد أنها تستثمر في العديد من الشركات التي تقودها النساء، حتى لو كان هذا بغير قصد. تقول إن النساء يفهمن النساء، وقد تكون مشاكلهن واحدة أو متقاربة. أما عن رأيها في قيام بعض الرجال ببعض الأعمال والنساء بأعمال أخرى بشكل عام، قالت حنان إن بعض النساء قد يتجهن إلى الأعمال المكتبية، ظنًا منهن أن هذا هو المتاح، ولكنها تؤكد أن هذا مفهوم خاطئ، وأن النساء أكثر ذكاء من الرجال وقدرة على العمل. ترى حنان أن على المرأة ألا تتعامل مع الآخرين على أساس أنوثتها، أي لا تتخذ من أنوثتها أو ظروفها الشخصية حجج للتكاسل عن أداء العمل. ولكن في نفس الوقت، تنتقد حنان انعدام أو قلة القوانين والقواعد الصديقة للمرأة في مجال العمل. ترى أيضًا أن على المرأة اتخاذ قرارات قد تكون صعبة فيما يتعلق بحياتها الاجتماعية إن كان العمل مهم بالنسبة إليها. تؤكد أيضًا أنها واجهت صعوبات في كيفية إحداث التوازن بين حياتها الشخصية مع أبنائها وعملها.
تقول أيضًا إنها قابلت العديد من رائدات الأعمال اللاتي أخبروها أن المستثمرين قد يسألونهن عن حالتهن الاجتماعية، وإن كن يخططن للزواج أو الإنجاب في المستقبل القريب، وتتعجب حنان، لأن الرجال لا يتم استجوابهم بمثل هذه الطريقة رغم أنهم أيضًا يتزوجون وينجبون الأطفال، وعليهم واجبات منزلية مثل النساء. تؤكد حنان أن النساء حين يجتمعن في مكان العمل يؤسسن لأنفسهن ما يمكن تسميته بمجموعة دعم، وأنه كلما زادت نسبة النساء في مكان العمل، كلما ازداد إقبال عدد أكبر من النساء على العمل بشكل عام، وأنها لاحظت هذه العلاقة الطردية بنفسها.
أما عن جائحة فيروس كورونا المستجد، فتقول حنان أنه بغض النظر عن فقدان أفراد ذوي معزة خاصة لديها، إلا أن الجائحة أدت إلى دفع عملية التحول الرقمي إلى الأمام. تقول أيضًا إن العمل عن بعد أعطاها الفرصة للاهتمام بحياتها الخاصة وفي نفس الوقت أداء عملها الذي تحبه. ارتفعت قيمة الشركات التي تعمل في مجال التكنولوجيا بسبب الجائحة، رغم مرور فترة صعبة على بعض الشركات الناشئة التي كانت تعاني من قلة الاستثمارات. إلا أن اهتمام الناس اتجه إلى نماذج جديدة من العمل، مثل التعليم الهجين.
هكذا غطت هذه المقابلة جوانب متعددة من حياة حنان عبد المجيد ومسيرتها المهنية، تحديدًا بداياتها المبكرة في مجال التكنولوجيا، مرورًا بعملها في أماكن متعددة، حتى وصولها لإنشاء شركتها الخاصة المعنية بتمويل الشركات الناشئة، وأيضًا دارت المقابلة حول حياتها الشخصية وأسرتها.
37498197(202)+
37497527(202)+
12 شارع سليمان أباظة، الدقي – الجيزة.