في هذه المقابلة تتحدث الرائدة زينب عزت، مؤسسة “جمعية الأسر المنتجة” و”رابطة الإصلاح الاجتماعي” و”جمعية إنقاذ الطفولة” و”جمعية الحنان للخدمة الاجتماعية” والعضوة في “الهلال الأحمر”، عن رحلتها مع التعليم والعمل الاجتماعي. عملت مع الأسر محدودة الدخل لرفع مستواهم المعيشي. وقامت بالإشراف على معارض موسمية ودائمة.
ولدت زينب عزت في منطقة حمامات القبة بالقاهرة، وكانت والدتها من أوائل خريجات مدرسة السنية مع جميلة هانم عطية وهدية هانم بركات، وكانت عضوة في “جمعية السيدات المسلمات”. أما والدها، فقد كان له نشاط سياسي مع مصطفي كامل، وشارك في ثورة 1919. تتحدث عن اهتمام والديها بالتعليم. فكما تقول: “يعني في الوقت بتاعنا ده، ده يرجع للوسط أو العيلات، كان إحنا العيلة أو الوسط اللي إحنا منه كانوا بيرحبوا بالتعليم جداً جداً… يعني أنا باستغرب الناس، أو مش من وسطنا يمكن، اللي بيفضلوا ياخدوا بالهم من الولد ما يخدوش بالهم من البنت، إحنا لأ، إحنا بالظبط زي بعض”. التحقت في البداية بالروضة المختلطة بمنطقة مصر الجديدة وعمرها 5 سنوات، وعن هذه الفترة تقول: “كان التعليم يعني تعليم جميل جداً، يعني وقتنا كنا نخرج من الروضة بنقرا ونكتب ويعني بنقرا كويس ونكتب كويس”. التحقت بعد ذلك بمدرسة مصر الجديدة الابتدائية للبنات وهي مدرسة حكومية، وظلت بها لمدة 4 سنوات، وتتذكر أن مدرساتها كن جميعا مصريات، وكان اسم ناظرة المدرسة نعيمة أحمد. أكملت دراستها الثانوية بكلية البنات بالجيزة ثم تم نقل المدرسة فيما بعد لمنطقة الزمالك وكانت عميدتها سويسرية الجنسية. وكان التعليم بها لمدة 4 سنوات، ثم سنتان وبعدها الحصول على دبلوم كلية البنات. وبعد حصولها على الدبلوم التحقت بكلية سانت كلير. ولكن رغم اهتمام والدتها بالتعليم، إلا أنها رفضت أن تقوم باستكمال تعليمها الجامعي، بدافع رفضها لمبدأ الاختلاط. تحدثت عن معلماتها، مثل مدام بيرج، ومس نعمة كشميري، ومس حميدة صادق، وعن إخلاصهن في التعليم، واهتمامهن بالطالبات؛ وأشارت أيضاً إلى أن سكرتيرة المدرسة آنذاك كانت الدكتورة عائشة عبد الرحمن، “بنت الشاطئ”، التي كانت تعمل بالمدرسة خلال فترة دراستها الجامعية، وتتذكر إعجابها الشديد بها، وعنها تقول: “والله يعني أنا باقول من وجهة نظري أنا لأن هي فعلاً من الريف، وإنها فتاة ريفية وجاهدت ومهمهاش التقاليد الريفية واتعلمت واشتغلت وكملت دراستها وهي بتشتغل”. كما تذكر أيضاً بعض من زميلاتها بالدراسة ومنهن فوقية تيمور، وبهية الفرنساوي، وإسعاد دياب، ووجيهة شفيع، وسعاد علام.
أحبت زينب قراءة الروايات العربية والإنجليزية على حد سواء، وقرأت العديد من روايات مصطفى لطفي المنفلوطي وطه حسين، كما أحبت قراءة أشعار أحمد شوقي وحافظ إبراهيم، وتتذكر أن مجلة “زور اليوسف” كانت من المجلات الممنوعة بالمنزل.
تحدثت عن بداية انخراطها في العمل الاجتماعي من خلال حس مدرستها مدام بيرج لهن على زيارة إحدى دور الأيتام، وبالفعل ذهبت بفضل تشجيع والدها. واستمرت في الذهاب إلى تلك الدار، إلى أن شجعها محمد علوبة باشا، أحد أصدقاء والدها، على التطوع في “جمعية إنقاذ الطفولة” التي كان يرأسها. أصبحت عضوة عاملة بالجمعية إلى جانب والديها، وصارت في مجلس الإدارة في أعقاب ثورة 1952. تتذكر زينب إعجابها الشديد بالسيدة هدى شعراوي في بداية عملها، وحضورها لأحد القاءات في جمعيتها، وكما تقول: “لما أنا دخلت الجمعيات فكانوا عاملين في جمعية هدى شعراوي لقاء للجمعيات، فرحت، أنا كنت شابة صغيرة يعني كنت بتاعت قبل العشرين يعني 18 سنة حاجة كده، وبرضه رحت بعربية البيت، ودي عشان دي كانت ستات ونفسي بقى حاموت عايزه أشوف هدى شعراوي. يعني كنت منايا إن أنا من كتر ما عملت وهي الست أول واحدة شالت الحجاب وأول واحدة كانت يعني خرجت المظاهرات وكده، فيعني لما شوفتها بقيت أبص لها كده، فقد كده هي حست إن أنا بابص لها، قالت لي أنتي اسمك إيه، قلت لها أنا اسمي زينب عزت، فتصوري قعدت تكلمني، لطيفة جداً”.
وفي عام 1956، قامت بإنشاء “جمعية العمل للعرب” بالاشتراك مع مصريين وعرب، وهدفت هذه الجمعية إلى تعارف الشعوب ثقافياً واجتماعياً وتبادل الخبرات. وبعد مقاطعة مصر من بعض الدول العربية، تم تغيير اسم الجمعية إلى “جمعية الحنان للخدمة الاجتماعية،” وتعديل أهدافها إلى التركيز على الخدمة الاجتماعية. ضمت الجمعية نادي للمسنين، وحضانة، وإقامة للطالبات المغتربات، ومركز تدريب على الأعمال الفنية والحرفية.
تولت في السبعينات رئاسة إدارة “رابطة الإصلاح الاجتماعي” التي أسسها حسن باشا العشماوي في أواخر الثلاثينات، وكان وزيراً للمعارف في ذلك الوقت. وقد تولت رئاسة الرابطة بناء على طلب من وزيرة الشئون الاجتماعية، وعن أنشطة الرابطة تقول: “عندها 11 دار، كل دار على مستوى القاهرة، في الزيتون والحلمية ومصر الجديدة وشبرا ومسرة وزينهم والشرابية والسيدة زينب ومصر القديمة، كل دار بيشمل كذا نشاط. ولاد أيتام، مركز تدريب، محو أمية، طالبات مغتربات”. ألحق بالرابطة أيضاً “معهد الخدمة الاجتماعية” و”المعهد العالي للإدارة والسكرتارية”، كما ضمت أيضاً “دار التربية الشعبية” المعنية بتعليم محو الأمية وصناعات متنوعة للأطفال الذين لديهم سابقة قانونية أولى، وكما تقول: “في كمان دار التربية الشعبية اللي بناخد الولاد اللي لهم سابقة أولى، دول بيبقوا بدل ما بيروحوا سجون بييجوا عندنا بنعلمهم محو أمية ونجارة وطباعة وسباكة، حاجة جميلة يعني، بيطلعوا مواطنين عاملين”.
رأست زينب جمعيات “إنقاذ الطفولة”، و”الحنان للخدمة الاجتماعية”، و”الأسر المنتجة”، و”رابطة الإصلاح الاجتماعي”، بالإضافة إلى كونها الأمين العام لجمعية “الهلال الأحمر”، ورئيسة لجنة المستشفيات، وعضوة في “جمعية الصداقة المصرية الرومانية”، وفي “المجلس القومي للمرأة”.
تحدثت عن نظرة المجتمع لعمل الجمعيات الأهلية والخيرية قبل ثورة يوليو 1952، وكما تقول: “قبل الثورة برضه ماكانوش بيبصوا لستات الجمعيات إنهم فعلاً جادين في شغلهم… وإنهم منظرة ويعني ست فاضية مش عارفة تودي وقتها فين، فبتروح الجمعية، طب ما تروح النادي مثلاً يعني… إحنا كنا بنعاني في جمع المال على فكرة، يعني كان من الصعب إن يبقى في تبرعات، مع إن زمان كان يعني أغنيا جداً، لكن ماكانش في النظرة الجدية للعمل الاجتماعي، ده حقيقي يعني. لأن أنا عاصرت ده وعاصرت ده”.
تحدثت زينب عن عدد من الرائدات النسويات مثل سنية هانم عنان، ودرية شفيق، ود. عائشة راتب، وعزيزة حسين، وليلي دوس، والكاتبة نعمة راشد، التي قامت بإنشاء حزب سياسي إلى جانب نشاطها الاجتماعي.
تفتخر زينب عزت بما قامت به من إنجازات بشكل خاص، لكنها تفتخر بشكل أكبر بإنجاز المرأة المصرية على المستوى العام، وكما تقول: “أنا عايزه أقول للمرأة المصرية مزيد من التقدم ومزيد من العمل لأن على طول تثبت إنها المرأة المصرية الجديرة بالحقوق اللي هي أخدتها، ده بالنسبة للمرأة العاملة. والحقيقة يعني أنا فخورة بالمرأة المصرية أنها بتمثل بلدها بره أجمل تمثيل، وصلت لمناصب جميلة أرجو إنها تحافظ عليها، ومزيد من التقدم في عملها، ومين عارف يمكن الأجيال الجايه تشوف إن المرأة وصلت لمنصة القضاء كمان، ده اللي أرجوه، إن شاء الله حاتوصل برضه بإذن الله. عايزه أقول بقى لبناتي وحبايبي الشابات، دي بلدنا والعمل التطوعي ده لو دخلوا فيه، السعادة اللي حايشعروا بيها زي ما أنا شاعرة بيها الحقيقة، ده عمل جميل جميل جدا، يا ريت يفرغوا نفسهم أقول إيه مرة في الأسبوع بلاش مرة في الأسبوع أقول مرة في الشهر، وبعدين وشويه شويه هما حيقبلوا على العمل ده. أنا عندي في ستات أقلية لكن يعني برضه مش الشابات برضه ستات يعني فوق الخمسة وأربعين بيعملوا، لكن بيبقى في عندهم نص يوم كده بييجوا يشتغلوا بيدوا، بيقولوا لي إحنا لما بنيجي حاسين إن إحنا جايين ندي سعادة لنا. كده فأنا أحب ويعني بادعو شاباتنا وبناتي إنهم يقبلوا على العمل التطوعي، في حاجتين حايكسبوها، رضا ربنا أولا ويحسوا إن بيعملوا خدمة لبلدهم بدون مقابل، فدي بتبقى إحساس جميل جداً، وأرجو يعني أنا مستخسرة قوي أن العمل الجميل بتاع الجمعيات يعني آلاف الجمعيات دي بعد الصف الأول اللي بيشتغل دلوقتي، لازم يبقى في صف تاني وصف تالت، ده شغلي الشاغل ده الحقيقة، وربنا يا رب ينولني إن البنات والشابات تقبل على العمل الجميل ده. واتمنى للمرأة المصرية دائما كل نجاح وكل تطور وكل نجاح في كل المجالات”.
37498197(202)+
37497527(202)+
4 ش عمر بن عبد العزيز متفرع من ش العراق المهندسين، الجيزة، جمهورية مصر العربية