مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

سمر عاصم

( 1986 )
مكان المقابلة
زووم
تاريخ المقابلة
22 ديسمبر 2021
المحاورة
الأرشيف

سمر عاصم

الدراسة: بكالوريوس في اداره الاعمال
شريكة مؤسِسة في GTTDUN

تقدم هذه المقابلة رائدة الأعمال النسوية المصرية سمر عاصم، المؤسِسة المُشاركة لشركة جات دن للاستشارات ومديرة التسويق بأحد صناديق رأس مال الاستثمارية الرائدة بالشرق الأوسط والولايات المتحدة الأمريكية. استفاضت سمر في عرض خلفيتها العملية الواسعة وتجربتها الرائدة في دعم النساء حديثات العهد بسوق العمل، ومساعدة رائدات الأعمال الشابات، كما أوضحت أيضًا أبرز التحديات التي تواجهها المرأة رائدة الأعمال بالإضافة إلى الصعوبات التي فرضها فيروس كورونا المستجد على مناخ الأعمال في مصر.

تخرجت سمر عاصم عام 2009 في الجامعة الألمانية بالقاهرة، حيث تخصصت في التسويق والتخطيط الاستراتيجي معًا. ومنذ ذلك الحين، عملت سمر في مجال التسويق دون توقف في شركات متعددة حتى استطاعت المشاركة في تأسيس شركتين مختلفتين، محتفظة في الوقت ذاته بعملها في أحد الصناديق الاستثمارية الحاضنة لرواد الأعمال الجدد. شغلت سمر منذ اللحظة الأولى التحديات التي تواجه المتدربات حديثات العهد بسوق العمل من خريجات الجامعات المصرية. وخصت سمر بالذكر الطاقات الشابة المهدرة من بين خريجات الجامعات الإقليمية التي لا تحظى بالاهتمام الموجود بالعاصمة، وهو الذي لا ينفصل عن انشغالها بتعظيم المساحات التي تشغلها المرأة سواء كانت رائدة أعمال، أو حديثة الانضمام لقوى العمل، أو قيادية بإحدى الشركات. اختارتها الأمم المتحدة في عام 2021 بصفتها ممثلة للمرأة الممكنة في مصر بمنتدى الابتكار الإقليمي في مجال الجندر (أجورا)؛ لكي تشارك بخبرتها في الدعوة لتمكين المرأة اقتصاديًا بصورة عامة وفي مجال ريادة الأعمال والابتكار بصورة خاصة.

تعترف سمر بفضل شريكتها وشقيقتها هبة عاصم فيما حققته من نجاح عملي ومجتمعي في إدارة مبادراتهن الرائدة في تدريب خريجات الجامعات ونقل الخبرات إليهن. ولأن شقيقتها هبة تدير عددًا من الأنشطة وتعمل كمستشارة للحكومة المصرية في أحد مشروعتها التنموية، تتناوب سمر معها في إدارة الشركات حيث قد تتفرغ إحداهن لإدارة شركة بمفردها بينما تعمل الأخرى على الانتهاء من بعض الأعمال الاستشارية العملية الأخرى. تتقاسم سمر وهبة المهام تبعًا لمجال خبرة كل منهن؛ تتولى لذلك سمر ترتيب ما يختص بالتدريب وتقديم المشورة الاستراتيجية دون إخلال بالمسؤوليات الأخرى المالية كانت، أو القانونية منها، أو ما شابه. وتعترف سمر بفضل عائلتها—وخاصة والدتها—عليها وعلى شقيقتها لدعمها لهن الأكاديمي والعلمي وحرصها على تشجيعهن على النجاح والتقدم والمثابرة سواء في تعليمهن، أو في المنزل، أو في الأنشطة الإضافية من سباحة، وعزف جيتار، ولعب كرة السلة. وفرت الوالدة البيئة الحاضنة لسمر وهبة، والتي مكنتهما من التعرف على اهتماماتهن وما يثير شغفهن بصورة عامة. أما فيما يتصل بعلاقاتهن بالآخرين، لطالما حضت العائلة سمر وشقيقتها على مشاركة ما يمتلكونه من طعام أو ما شابه وكان والدهما مثالاً لذلك العطاء المادي والمعنوي للآخرين. للأسرة فضل كبير في تنمية شغف سمر بمساعدة الآخرين ودفعهما لتطوير مهاراتهن.

في ميدان العمل، واجهت سمر العديد من الصعوبات المرتبطة بالجندر أثناء عملها. فعلى سبيل المثال، لم تتم ترقيتها لوظيفة أعلى أو مكافأتها على أدائها المتميز بالمقارنة مع أقرانها الرجال بسبب كونها امرأة رغم تحقيقها لمؤشرات أداء تفوق المتوسط، بل واستمعت لدعاوى تقلل من إنجازها لأنها امرأة قد تتزوج وتترك العمل فجأة أو دعاوى أخرى تربط جزافًا بين شكلها المقبول وحصولها على منصبها بإحدى الشركات الشهيرة. وعندما قررت إحدى الشركات الأخرى اختيارها لتميز خبرتها، تراجعت فجأة عن هذا القرار لأنها مخطوبة وتخطط للزواج في خلال عام من تلقيها عرض العمل. تعلمت سمر من خبرتها السابقة التي اكتسبتها وهي في العشرينيات من عمرها أن ترفض أية وظيفة أو أي عرض عمل في مؤسسة أو شركة لا تشجع على المساواة بين الجندرين أو تميز في تعاملها مع النساء. وفقًا لسمر، لا تنفصل خبرتها الشخصية عن واقع المرأة بصورة عامة التي قد لا تحصل في أحيان كثيرة على التمويل اللازم بسبب الجندر. وذلك على الرغم من أن الواقع يشير إلى أن 90% من الشركات الناشئة التي تتعرض للفشل يقودها رجالا. وعندما بدأت سمر تأسيس شركتيها الواحدة تلو الأخرى مع شقيقتها هبة، لم تحاول مطلقًا السعي للحصول على تمويل حتى لا تتعرض لهذا النوع من التمييز الذي لاحظته من موقعها الاستشاري بإحدى الصناديق رأس مال الاستثماري. لاحظت سمر أن تبني المؤسسات المالية الكبرى وشركات وادي السيليكون الأمريكية لأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة أثرًا إيجابيًا على توجيه المزيد من التمويل إلى السيدات رائدات الأعمال. تشترط هذه المؤسسات والشركات على صناديق الاستثمار وحاضنات الأعمال المقترضة تخصيص نسبة 25% من التمويل للنساء، وهو الذي يقف خلف التغير الجزئي الذي أصاب هذا التوجه تجاه المرأة. ومع إن سمر ابتعدت عن هذا النمط التمويلي إلا أن أنماط العنف المصغر مثل تأخير مستحقات شركتيها أو عدم الاعتداد بدورها أثناء عملية صنع القرار تواجهها بين الحين والآخر.

وقد حكت سمر كيف تبدأ الصعاب التي تواجهها المرأة الشغوفة بالابتكار عند العائلة التي قد تقف حائلاً أمام امتهان الفتاة الشابة لأي مهنة بعد إتمامها لتعليمها الجامعي، خاصة في المدن والمراكز الحضرية البعيدة عن العاصمة. يأتي المجتمع في المرتبة الثانية من التحديات ففي أحيان كثيرة لا تكافأ المرأة على أدائها المتميز بالعمل—كما حدث لسمر شخصيًا في بداية مسارها المهني. تأتي مركزية التمويل في المركز الثالث فكثير ما يرتبط التمويل بالانتقال للعاصمة كُونها المركز المالي لمصر، وهو الذي يقف عائقًا أمام المرأة القاطنة بعيدًا عن القاهرة ممن يصعب عليها الانتقال للعيش بمفردها في المركز. تضيّع مركزية التمويل فرصًا حقيقية للنمو بالمحافظات المختلفة؛ لأن فرضية انتقال التنمية من المركز لمراكز أخرى أصغر لا تتحقق كثيرًا على أرض الواقع. والتمويل الحكومي البديل مشروط ومرتبط بقطاعات بعينها مما يزيد من صعوبة هذا التحدي. وبالعودة للقطاع الخاص الذي لا يستطيع تمويل مشروعات لأكثر من خمسة أو ستة قطاعات اقتصادية، يؤدي اختيار الشركات المختلفة لقطاعات استثمارية بذاتها إلى تضاؤل فرص تمويل المشاريع التعليمية أو التربوية أو البلوكتشين. على سبيل المثال، شهدت السنوات القليلة الماضية اهتمامًا بالاستثمار في التسويق الإلكتروني بين الشركات والصناديق الاستثمارية أعقبه اهتمام جديد بالمدفوعات الإلكترونية. وهذه المشكلة الأخيرة المتصلة بمحدودية القطاعات المغطاة بالتمويل تواجه رواد أعمال جميعًا رجال كانوا أم نساء. وأخيرًا، تظل ما يمكن وصفه بأبوية المجتمع من أبرز العوائق التي قد تفسر عدائية المرأة لنوعها أحيانًا في تفضيل قيادة الرجل للشركة أو المؤسسة، وما يجمع أغلب المشاكل التي تم ذكرها، مثل: انعدام التكافؤ بين الرجل والمرأة في العمل والابتكار والتمويل.

وترى سمر أنه لا يوجد مجال بعينه حكر أو مرتبط بالمرأة رائدة الأعمال أو المرأة العاملة. لدى النساء أفكار استثمارية متميزة بمجالات التعليم، والتجارة الإلكترونية، والبلوكتشين، والتنمية المستدامة، ومن غير الصحيح أن مشروعات النساء تنحصر في الحرف اليدوية. وبسؤالها عن ظاهرة ندرة المبرمجات النساء وانحسار عملهن في تصميم الجرافيك، أكدت سمر ظنها أن الأمر يرجع إلى ساعات العمل الطويلة التي تحتاجها مهارات البرمجة وتصميم البرمجيات والثقافة المؤسسية التي تمنع النساء من تولي المناصب القيادية بشركات البرمجيات المختلفة وما شابهها. ويصل الأمر ببعض الشركات متعددة الجنسيات إلى تحديدها النوع الاجتماعي المفضل لشغل المنصب القيادي دون أية مواربة. بالمقارنة من الرجال، تأخذ النساء رائدات الأعمال مسؤولياتها العائلية بصورة جادة تمنعها في أغلب الأحيان من إن تبدي تقصيرًا تجاه منزلها بسبب طبيعة عملها. ولربما يكون ذلك بسبب التوقعات المجتمعية التي تحاسب المرأة بقسوة عند مقارنتها بالرجل.

للكورونا آثار إيجابية وسلبية. أتاح التحول الرقمي المجال للمرأة أن تشارك في الدورات التدريبية دون تحمل مشقة السفر وفي مواعيد مناسبة أيضًا. تمكنت سمر وشقيقتها عبر مبادرتهما التي انطلقت من الفيسبوك أن يصلا بالتدريب لأصحاب التعليم الفني غير الجامعي. أمكن أيضًا تسجيل الدورات التدريبية الهادفة لنقل الخبرات واستخدام لغة الإشارة في عرضها. ازدادت إنتاجية العديد من السيدات اللاتي تحولن للعمل من المنزل وأصبحن أكثر قدرة على تنمية مهاراتهن عبر التدريب والتعلم عن بعد. أما السلبيات فتشمل فقدان 30% من النساء المصريات العاملات لأعمالهن وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، وفقدان من يحصلن على دخلهن بصورة يومية لمصادر رزقهم، بالإضافة إلى تسريح النساء مع زملاءهن الرجال بفعل الانكماش الاقتصادي الذي أحدثته الجائحة.

لا يوجد مقاطع فيديو