ليلى بركات
رائدة العمل الاجتماعي
في هذه المقابلة تتحدث ليلى بركات، إحدى رائدات العمل الخيري والاجتماعي في مصر، عن مسيرتها واهتمامها بالعمل الاجتماعي لتتبع خطى والدتها التي كانت عضوة في “جمعية المرأة الجديدة”. اهتمت ليلى بركات بإنشاء المستشفيات ودار للمسنين، ونالت هي ووالدتها نيشان الكمال.
ولدت ليلى بركات بمنزل جدتها لوالدتها بمحافظة الجيزة، في شارع أطلق عليه اسم والدها الدكتور محمد بهي الدين بركات فيما بعد. درس والدها الحقوق، ثم سافر للحصول على درجة الماجستير والدكتوراه من إنجلترا، وتقلد العديد من المناصب، من ضمنها رئيس ديوان المحاسبة، وعضوية في مجلس النواب، وكان أحد أوصياء عرش مصر بعد رحيل الملك، ووزيراً للمعارف لعدة فترات. أما والدتها السيدة هدية عفيفي، فقد درست في مدرسة المير دي ديو، وكانت علاقتها بها وثيقة جداً، واعتبرتها صديقة لها، فقد تزوجت والدتها في سن صغير حيث كان عمرها 18 سنة فقط، وكما تقول: “فكانت عبارة عن أخت بالنسبة لي ما كانتش أم أبداً، كانت صديقة بصراحة”. كانت والدتها إحدى الناشطات في العمل الاجتماعي واعتادت أن تصطحب ليلى معها في لقاءات “جمعية المرأة الجديدة” التي كانت عضوة بها.
تحدثت ليلى عن مربيتها الخاصة إلزم بريلهارت، والتي درست بسويسرا حيث كان هناك مدرسة خاصة بالمربيات. وقد ظلت مربيتها معها منذ ولادتها حتى تزوجت. عادت بعد ذلك إلى سويسرا وتزوجت، وكما تقول: “تزوجت بعد ما إحنا كبرنا، ودي حاجة غريبة قوي، واحد سويسري زيها، تزوجت وخلفت كمان، بس كانت ولادتها صعبة قوي، لأن زي ما إحنا عارفين أحسن ولادة من سن 20 لـ 30، وهي كانت أكتر من 40 بكثير”. وتتذكر ليلى أنها قبل وفاتها طلبت أن تراها هي وأخواتها، فسافرن خصيصاً إلى سويسرا لرؤيتها، وعدن بعد وفاتها بشهر واحد، وعنها تقول: “هي كانت زي أم بديلة، وقد كده كنا بنحبها”.
بدأت دراستها في مرحلة الروضة وكانت مدتها 3 سنوات، وبعدها الدراسة الابتدائية وكانت مدتها 4 سنوات، ثم التحقت بالكلية الأمريكية للبنات لمدة 5 سنوات، وتتذكر أن معلماتها كن مصريات فيما عدا مساعدة المديرة وكانت إنجليزية. حصلت بعدها على الثانوية العامة البريطانية في عام 1952. وتذكر من زميلاتها خلال الدراسة السيدة كوثر أباظة، والسيدة نانا عبد الخالق، والسيدة عبلة كامل، واللاتي ظلت على علاقة وثيقة بهن بعد انتهاء الدراسة. لم تستكمل ليلى دراستها الجامعية، وتزوجت بعد ذلك من المحامي بالنقض الأستاذ حسن زكي الإبراشي في سن مبكرة، حيث كان عمرها 17 عاماً فقط، وكان من أشهر المحامين في مصر في ذلك الوقت. بعد إنجابها، رفضت ليلى أن يكون لدى أولادها مربية، فكما تقول: “أنا ما رضيتش أجيب لأني حبيت أربي ولادي بنفسي، علشان حسيت حبي للدادة ما كنتش عايزه حد يشاركني في حب ولادي ليا”. بدأت بعد زواجها في المشاركة في العمل الاجتماعي مع والدتها.
تتذكر نشاط والدتها في “جمعية المرأة الجديدة”، والتي تم إنشاؤها في عام 1919، وكانت ترأسها الأميرة عين الحياة رفعت آنذاك، حيث كان من المعتاد أن تتبرع الأميرات لبناء مستشفيات تابعة للجمعيات، وبناء عليه يصبحن رئيسات شرفيات لتلك الجمعيات. وكان من أنشطة الجمعية تعليم الفتيات القراءة والكتابة، وكذلك الأعمال اليدوية، وكما تقول “جمعية المرأة الجديدة في سنة 1919 بدأت بتعليم الفتاة، أهم حاجة القراءة والكتابة اللي هو لغاية النهارده بيعانوا وبيسموها محو الأمية، كان المكان ده بيعلموا القراءة والكتابة وتعليم الفتاة مهنة علشان تتعايش منها، أو على الأقل يكون عندها فلوسها الخاصة اللي هي تقدر تساعد بيها نفسها”. أصبحت والدتها عضوة في الجمعية وعمرها 18 عاماً، وكان من عضوات الجمعية أيضاً أمينة هانم صدقي والسيدة هدى شعراوي، والتي انفصلت عن “جمعية المرأة الجديدة” وأنشأت جمعية خاصة بها في عام 1932. كانت والدتها أيضاً عضوة في مبرة محمد علي، والتي كان نشاطها قائماً على بناء المستشفيات وتقديم الرعاية الصحية لغير القادرين عن طريق التبرعات، وعنها تقول: “نشاطها كانت مباني مستشفيات وكانت بتعين الدكاترة والأعضاء وتجيب العدد وتبتدي المستشفى تشتغل، ولغاية النهاردة المستشفيات بتاعت مصر القديمة موجودة، مبرة محمد علي الكبير، اسمها مستشفى المبرة ولا تزال موجودة. وعلشان أعضاء الجمعيتين واحد كانت المرأة الجديدة فتحت كمان حاجات تانية، فتحت مدرسة تمريض وفتحت مدرسة مربيات للبيوت. وكانت المربيات عليها إقبال جامد جداً، وأغلب الناس يا إما عملوا جهازهم في المرأة الجديدة وهما بيتجوزوا، يا إما بعد ما يخلفوا كانوا بياخدوا دادات من المرأة الجديدة برضه”. وتذكر أيضاً من عضوات المبرة السيدة توتو موسى ومدموازيل ماجي كحيل. وتتذكر أن عدداً كبيراً من السيدات قد انخرطن في العمل الاجتماعي والخيري في تلك الفترة، فكما تقول: “وقتها كان في ستات كثير قوي بتشتغل في الخير. ولغاية ما أنا تزوجت وبعد ما تزوجت كمان بفترة، ولغاية في وقت عبد الناصر ما كانش الستات بتشتغل إذا كانت مقتدرة، وما كانتش بتكمل تعليم جامعة ودكتوراه. طبعاً في بعضهم كملوا لكن كانوا قليلين جداً. لكن الأغلبية اللي جايين من عائلات كبيرة أو مقتدرة كانوا بيتجوزوا بدري، وكان التعليم أكثر علشان تبقى سيدة مجتمع وتعرف لغات، لكن وقتها كانت الثقافة جامدة جدا د ً عن السيدات، النهاردة بيتخرجوا من الجامعة وبيأخذوا دكتوراه وما عندهمش ثقافة، الثقافة شيء والتعليم شيء”.
ورثت ليلى حب العمل الأهلي عن والدتها وشاركتها فيه وانخرطت في أنشطة “جمعية المرأة الجديدة”، فكما تقول أثناء المقابلة: “كان الأسبوع اللي فات عندي معرض في نفس المكان، بنينا مبنى تاني، إن شاء الله قريب حانفتح مدرسة مهنية للبنات فيها، في نفس الجنينة بتاعت المبنى القديم. لكن المبنى القديم لايزال موجود من سنة 1919 ولو حبيت ممكن أبني دورين فوقيهم، بالرغم إن وقتها ما كانش في أساسات وكان مبني بالطوب، شكله جميل جداً الحجري التخين…. أي حد يحب يجي يزورها لانزال بنعلم الفتيات، ما بنعلمش محو الأمية حاليا بس حانعلم في المبنى الجديد. لكن لاتزال أحلى ملايات ومفارش وشغل يدوي بتطلع من جمعية المرأة الجديدة، أبقى سعيدة قوي لو أي حد يجي يزور الجمعية”. انخرطت أيضاً في أنشطة مبرة محمد علي التي أصبح لديها فيما بعد 36 مستشفى ومستوصف في مختلف أنحاء الجمهورية، وكما تذكر: “الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لما جه في 1952 خلى اسم المبرة فيما عدا مستشفى واحدة كانت اتبنت في حوالى سنة 1948 قبل الثورة، شال اسم مستشفى محمد علي الكبير، وكتب عليها مستشفى الجمهورية، وأول حاجة افتتحها عبد الناصر في مصر كانت مستشفى الجمهورية، اللي هي والدتي وبعض السيدات الفضليات أشرفوا على بنائها”. اهتمت ليلى بعدد من الأنشطة مثل المعرض السنوي لمنتجات الأسر المنتجة ودور رعاية الأيتام. وتولت هي رئاسة مجلس إدارة الجمعية فيما بعد. قامت كذلك بتطوير وتوسيع خدمات دار المسنين الأولى من نوعها في مصر والتي أسستها والدتها، ثم قامت بإنشاء دار جديدة.