مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

نشوى حبيب

( 1973 )
مكان المقابلة
زووم
تاريخ المقابلة
13 يناير 2022
المحاورة
الأرشيف

نشوى حبيب

الدراسة: بكالوريوس التجارة، جامعة القاهرة. دبلومة، علم الاجتماع، جامعة جينيفا. دبلومة، الأقليات العرقية والثقافية والجندر، الجامعة الأمريكية بالقاهرة .
استشارية الجندر بالمعونة الأمريكية

ناقشت هذه المقابلة خبرة نشوى حبيب الواسعة في دعم رائدات الأعمال وتنمية أنشطتهن على مدار قرابة العقدين من الزمان. ومما يميز هذه الخبرة التي اكتسبتها نشوى من عملها تركيزها على محور الجندر والتمكين الاقتصادي للمصريات. أضف لما سبق أن خبرة نشوى العملية تجاوزت نطاق مصر حيث عملت على برامج “مدن آمنة للفتيات” بثلاث قارات مختلفة، تحديدًا: آسيا، وأفريقيا، وأمريكا الجنوبية. وبالمقارنة مع عملها الواسع بالقارات الثلاث على تمكين الفتيات اقتصاديًا واجتماعيًا، انحصر تركيز نشوى على التمكين الاقتصادي في الحالة المصرية، حيث أسست أول شبكة لرائدات الأعمال المصريات تدعى “Women Entrepreneur Network” بدعم من هيئة المعونة الأمريكية بمصر. أخذت هذه الشبكة على عاتقها مهمة توفير قاعدة دعم مرجعية معلوماتية للنساء ممن شرعن في خوض تجربة ريادة الأعمال بمصر. وفرت الشبكة لهن الآتي: تنمية القدرات الذاتية، اختيار بيئة الأعمال المناسبة وتوفير كافة المعلومات ذات الصلة، والتواصل مع داعمي الأعمال الفاعلين في السوق، والوصول للموارد المالية وغير المالية المطلوبة، العمل على المناداة بتغيير القوانين بما يعزز من البيئة التشريعية الداعمة لتعظيم دور المرأة اقتصاديًا. امتد عمل الشبكة، وفي القلب منها نشوى، إلى دعم حملات نشر الوعي بدور المرأة الاقتصادي بالمجتمع مع جهات أهلية مثل اتحاد الصناعات.

آمنت نشوى بأهمية الحكي والتوثيق في تغيير أوضاع النساء، وهي الخبرة التي اكتسبتها أثناء عملها مع مبدعات الظل وفي خضم اهتمامها بالدراما الإبداعية، بل وتعرفها على مؤسسة المرأة والذاكرة ذاتها منذ عشرين عام. بدأت نشوى مسيرتها مع العمل التنموي من مدينة بني سويف بصعيد مصر أثناء دراساتها الجامعية بكلية التجارة وإدارة الأعمال. ففي أثناء تطوعها مع مؤسسة “ورلد فيجين” ببني سويف، اختلطت نشوى مع الفتيات الصغيرات اللاتي أعتدن على مساعدة ذويهم في القرى سواء كان ذلك في نشاط الزارعة أو الصيد، وشهدت على حجم التمييز الذي تتعرض لها تلك الفتيات مما دفع “نشوى” بقوة لاستكمال العمل بهذا المجال. وفي الوقت ذاته، سافرت نشوى، تحت مظلة الأمم المتحدة، لكوبا وترينداد وتوباجو حيث تدربت على دعم المصابات بفيروس نقص المناعة المكتسبة وعاملات الجنس، مما وسع من دائرة اشتباكها مع قوى قهر المرأة في العالم، على حد تعبيرها. وعند عودتها لمصر، قررت نشوى التركيز على تنمية مهاراتها ومعارفها؛ فدرست الدراما الإبداعية والدراما النفسية لمساعدة النساء المتعافيات من العنف، وأنهت الدراسة من أجل الحصول على دبلومة في سبل المساواة بين الجنسين من جامعة سويسرية. وعقب عودتها للعمل بـ “جمعية الصعيد للتربية والتنمية” في التسعينيات على ملف التعليم، وجدت نشوي نفسها ضمن تحالف من المنظمات الحقوقية المصرية اللاتي انخرطن في تدريب المهتمين/ات والفاعلين/ات على مكافحة أشكال التمييز المختلفة على خلفية الدعم الأممي المتمثل في اليونيسف للدول للوفاء بالتزاماتها ذات الصلة باتفاقيات مكافحة التمييز. أدركت نشوى حينها أن ملف التمكين الاقتصادي هو أكثر الملفات أهمية وأقدرها على إحداث تحول جذري للنساء. وأفضى انفتاحها على “دراسات الجندر” بالجامعة الأمريكية إلى بلورتها منهج تحولي في معالجة دور المرأة الاقتصادي، وهو المنهج التي لا زالت تتبعه إلى الآن بصورة أو أخرى. فمنهج التحول الجندري يواجه المشكلات المجتمعية ومسألة السلطة القائمة على النوع وتأثيرها على المرأة وفرصها في دعم الاقتصاد.

عملت “نشوى” على برامج التوعية التي تستهدف جذب انتباه الرجال إلى الأدوار بالغة الأهمية التي يمكنهم القيام بها من أجل مساعدة النساء على الترقي وظيفيًا داخل مجتمع الأعمال. كما أسهمت في تدشين مبادرات مختلفة لدعم النساء الراغبات في خوض تجربة ريادة الأعمال تقدمها سيدات أعمال ومدربات ذوات خبرة. أسست نشوى مع آخرين أول شبكة للتمويل الملائكي بمصر والثانية بمنطقة الشرق الأوسط، وهي المسماة “Tia Angels” تحت مظلة شبكة “WEN” واسعة النطاق. تتفرد شبكات التمويل الملائكي بتوفير الدعم والإرشاد الاقتصادي والنفسي لرائدات الأعمال الجدد، كما أنها تمثل أيضًا إحدى أدوات الدعم المالية غير البنكية التي يمكنها معالجة الأسباب الجوهرية التي تقف حائلاً أمام تمكين المرأة. وسط ندرة المستثمرين المغامرين غير التقليدين من النساء في العالم بأسره، يمكن لأدوات مثل شبكات الدعم الملائكي أن تساهم في إحداث تغييرًا جذريًا بالاقتصاد الكلي عبر تفكيك بنى الهيمنة الذكورية على الاقتصاد وسد أوجه العجز الكامنة بالأنشطة الاقتصادية المختلفة. تشجع ريادة الأعمال، بصورة عامة، على الابتكار والإبداع، كما أنها تسهم في إيجاد حلول جديدة تزيد من الإنتاجية تارة أو تخلق فرصًا استثمارية مختلفة لرؤوس الأموال تارة أخرى.

تدعم نشوى سيدات الأعمال ورائدات الأعمال دون تفرقة مع وعيها بالتأثير السلبي للصور النمطية التي تحكم المجالات الاقتصادية التي يهيمن عليها الرجال أو النساء. ففي رأيها، النساء المصريات قادرات على الإبداع في المجالات المختلفة على النقيض مما تفترضه التقسيمات الجندرية للأعمال ودون تقيد بأية فروقات طبقية اجتماعية، لكنهن يتأثرن بطبيعة الأنشطة الاقتصادية والاحتياجات الكامنة لمحافظاتهن الأم. فإذا كانت الأنشطة التجارية هي المهيمنة بمحافظة بعينها، تجد النساء مهتمات بما هو تجاري على حساب ما هو إنتاجي، على سبيل المثال. وإذا خلت محافظة ما من التنوع في الأنشطة الاقتصادية، يزداد عمل النساء في الأعمال قليلة المهارة مثل التعبئة والتغليف. وبالإضافة لما سبق، تؤثر الصورة النمطية للأعمال التي يمكنها امتهانها على فرص عملها بالمهن كثيفة المهارات. وتقف بعض العادات الاجتماعية السلبية أحيانا أمام امتلاك النساء لرأس مال يمكنهن استخدامه لتأسيس مشروعات، وعلى رأس هذه العادات: حرمان المرأة من الميراث، إعطاء الأولوية المطلقة للأعباء المنزلية والأسرية تجاه الزوج والأسرة، عدم تشجيع المرأة على الاستمرار في العمل بعد الزواج، الشعور بالتهديد من امتلاك المرأة للمال وبالتالي السلطة. ونجد عند التركيز على مجتمع الأعمال أنه لا يوجد تساو بين فرص إتاحة المعلومات بين الرجال والنساء مما يؤثر على فرصهن في التطور حين امتلاك المال. هناك تقدم في وضع المرأة، ولكنه بطيء للغاية على حد تعبير نشوى. فعند النظر لمبادرات واعدة مثل الشمول المالي التي أعطت ميزة تفضيلية للنساء والشباب، تؤثر التحيزات غير المكتوبة بين المصرفيين على تقييم الجدوى الاقتصادية للمشروعات التي تقودها نساء في كثير من الأحيان. وتظهر هذه التحيزات بين المؤسسات الأهلية أيضًا؛ فالجمعيات التي تقوم بتقديم القروض الصغيرة ومتناهية الصغر تميز بين الرجال والنساء في حجم التمويل، فيحصل الرجال على ضعف أو ضعفين المبالغ التي قد تحصل عليها النساء.

تعترف نشوى بأنها لم تعان من العقبات التي وقفت أمام قريناتها، فالأسرة منذ الصغر داعمة والزوج من أشد الداعمين لعملها. وكانت للتنشئة الاجتماعية دورًا في صقل مهارات وخبرات “نشوى” وفي اهتمامها المتزايد بالاقتصاد والتمكين الاقتصادي. شجعتها الأسرة على التعلم باستمرار في إجازاتها النصفية والصيفية، كما ساندتها في تجربة السفر للخارج للتعرف على ثقافات وشعوب مختلفة. كان وعي والدها بتاريخ العمل التنموي المحلي، وفي القلب منه الكنيسة، من العوامل التي عمقت إدراك نشوي بالدور الكنسي الرائد في تنمية صعيد مصر الذي بدأ منذ الثمانينات والتسعينات من القرن العشرين. مثلت الكنيسة المساحة التنموية الداعمة للمرأة بالنسبة لنشوى في وقت مبكر من حياتها قبل تعرفها على مفردات، مثل: “الجندر”، و”العنف”، و”التمكين”. فعبر شراكات متميزة بين الكنائس المصرية والقطاع الخاص، نشأت مؤسسات، مثل “ورلد فيجين”، و”جمعية الصعيد للتنمية” وغيرها، لتصبح من أقدم الحاضنات لرواد الأعمال المصريين منذ الثمانينات. تعرفت نشوى في هذا المناخ الأهلي التطوعي على رائدات، مثل: د. ماري أسعد، ود. ليلي إسكندر. تعترف “نشوى” بفضل د. ليلي إسكندر البالغ عليها حيث تحسب نفسها من مدرستها في العمل التنموي القائمة على مبادئ إشراك القطاع الخاص في التنمية وفقًا لرؤية حقوقية واسعة تتجاوز المرأة إلى الفضاء البشري الأوسع بمشكلاته المتعددة. وبفعل علاقة “التمهن” التي ربطتهما سويًا، ازداد إيمان نشوى بفعالية الإرشاد ومحوريته في محاولات تطوير المنظومات الواسعة وفي منهجها التحولي نحو ريادة الأعمال. وعلى مدار مسيرتها العملية، قدم زوج نشوى الكثير من الدعم، بل ربما مما أعاقها أنها لم تجد من عملها في بعض الأحيان الدعم الكافي عند محاولاتها الإنجاب. وهنا ترى نشوى أن المعضلة تكمن في التشريعات التي لا تعترف بحق المرأة في الحصول على إجازة لمحاولة الإنجاب. تخلو مصر من الاهتمام بهذه التشريعات التي تأخذ الأسرة بعين الاعتبار في محال العمل على الرغم من الاهتمام العالمي المتزايد بها. فإجازة رعاية الأب أو الأم، لا توجد صرامة في إنفاذها، كما لا يعتد بأن غالبا من تقع عليهن مسؤولية رعاية الوالد المريض أو الوالدة المريضة هي النساء.

لا يوجد مقاطع فيديو