مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

أمينة حمزة

كلمات مفتاحية
تاريخ المقابلة
24 يونيو 2004
الأرشيف

أمينة حمزة

ناظرة مدرسة

تتحدث أمينة حمزة، إحدى رائدات التعليم، في هذه المقابلة عن رحلتها مع التعليم والعمل، وكيف تعلمت بفضل والدها، الذي كان إماماً مستنيراً ومؤمناً بأهمية تعليم البنات. شاركت في إضرابات ضد الاستعمار. شغلت عدة وظائف في التدريس، واختتمت حياتها الوظيفية في التوجيه. وقد آمنت بأهمية مادة التاريخ في بناء الوعي الثقافي والروح الوطنية.

بدأت أمينة رحلتها مع التعليم بالالتحاق بمدرسة “المقياس الأولية”، التي استمرت بها لمدة 4 سنوات حتى حصلت على الشهادة الأولية. التحقت بعد ذلك بالمرحلة الابتدائية بمدرسة “مصر القديمة”، وكانت تقع على كورنيش النيل، وكانت مدة الدراسة بها 4 سنوات أيضاً، وأكملت دراستها فيها بنجاح وتفوق.  وتتذكر أن والدها، وكان إمام مسجد مستنير، من أنصار تعليم الفتيات، وأصر على أن تستكمل دراستها، فألحقها بمدرسة “السنية الثانوية”. كانت مدة الدراسة 5 سنوات، يتم بعدها الحصول على شهادة الثقافة، ثم سنة واحدة للحصول على شهادة الثانوية. التحقت في البداية بالقسم العلمي، وكانت رغبتها هي الالتحاق بكلية الطب بعد ذلك، ولكن بسبب صعوبة التعامل مع مدرسة الرياضيات، قررت بعد استشارة والدها الانتقال للقسم الأدبي. وتذكر من زميلاتها في ذلك الوقت الأستاذة آمال بكير، والأستاذة فايدة كامل، التي تذكر أنها قادت الإضرابات المدرسية ضد الاستعمار، والأستاذة حفصة حلمي، وكانت ناظرة المدرسة هي الأستاذة كريمة السعيد، التي ترى أنها علمتهن الأدب والأخلاق والالتزام، وكانت سيدة فاضلة وقوية الشخصية. كما تتذكر بعض من معلماتها اللاتي أثرن فيها، ومنهن الأستاذة زينب الأتربي، والأستاذة دولت صادق، والأستاذة عنايات الطحاوي.

بعد تخرجها من المدرسة التحقت بكلية الآداب، وكانت أول فتاة تلتحق بالجامعة في عائلتها. كان التخصص يبدأ آنذاك من السنة الدراسية الثانية، وكانت رغبتها هي الالتحاق بقسم اللغة الإنجليزية، ولكن قامت ثورة 1952، وثورة الطلاب وخروجهم في التظاهرات وتنظيمهم للإضرابات، فلم يقبل رئيس القسم، وكان إنجليزي الجنسية، دخول عدد كبير من الطلاب إلى القسم، وسمح بدخول خريجي الجامعات الأمريكية فقط على حد قولها، كذلك لم تمكنها درجاتها من الالتحاق بالقسم. ولم تشارك في أي من التظاهرات أو الإضرابات بناء على تعليمات والدها.

تنقلت لفترة بين عدة أقسام بكلية الآداب، واستقرت في النهاية على الدراسة بقسم التاريخ. أحبت دراسة التاريخ، وحصلت على شهادتها الجامعية، وتم تعيينها بمدرسة “معلمات المنصورة”، ولكنها لم تذهب للعمل بها حيث أصرت على استكمال دراستها لمدة عامين في كلية التربية بالزمالك للحصول على دبلومة التربية. تم تعيينها بعد ذلك مدرسة تاريخ في مدرسة “الحلمية الثانوية”. تتحدث عن صغر سنها آنذاك، وكيف ذهبت للتدريس في أول يوم مرتدية ملابس تشبه الزي المدرسي للطالبات، فظن البعض أنها إحدى الطالبات الراغبات في الالتحاق بالمدرسة، كما نهرتها ناظرة المدرسة في البداية لظنها أنها إحدى الطالبات التي تواجدن في مكان خاص بالمعلمات. أحبت العمل بالمدرسة واستقرت بها لفترة طويلة، ولم تتركها إلا بعد زواجها نظراً لبعدها عن محل سكنها، حيث انتدبت للعمل بإحدى المدارس الإعدادية بمنطقة الروضة، وظلت بها لمدة عام واحد، ثم تم نقلها مرة أخرى لمدرسة “الحلمية الثانوية” نظراً لوجد عجز في أعداد المدرسات بها. حاولت الانتقال إلى مدرسة “مصر القديمة الثانوية”، وكانت ناظرتها الأستاذة روز شمس، ولكن لم تجد وظيفة بها، فتم نقلها إلى مدرسة “مصر القديمة الثانوية الفنية”، التي أصبح اسمها فيما بعد “مدرسة النيل”، وكانت ناظرتها الأستاذة سعاد بهجت، التي تذكر كيف تعلمت منها الالتزام، وعدم الدخول في الصراعات، والمعاملة القائمة على الود مع زميلاتها كما لو كن أسرة واحدة. عٌينت بعد ذلك ناظرة لمدرسة “مصر القديمة” بعد رحيل الأستاذة زينب سري. أصبحت بعد ذلك موجهة لمادة التاريخ بناءً على رغبة الأستاذ نصر أسعد موجه أول التاريخ، الذي رأى فيها الجدارة لأن تصبح موجهة، وساعدها كثيراً في بداية عملها بالتوجيه. استمتعت بهذه الفترة كثيراً، واعتبرتها من أجمل فترات حياتها، وتتذكر كيف استقبلتها المدارس التي زارتها من خلال عملها في التوجيه بالترحيب والمحبة، وكيف حرصت على زيارة مدرستين على الأقل يومياً في الفترة الصباحية والفترة المسائية لشدة حبها لعملها. تتذكر أنه خلال فترة عملها، حرصت على أن تقوم كل مدرسة بعمل لوحة كبيرة عن تاريخ من أطلق اسمه على المدرسة، مثل خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وغيرهما، كما حرصت على أن يتم استعمال التاريخ الهجري في الفصول إلى جوار التاريخ الميلادي.

 حصلت بعد ذلك على تدريب لمدة شهر بكلية البنات، للترقي لموجهة للمرحلة الثانوية، ولكن تمت إعارتها بعد التدريب إلى عُمان، وشغلت وظيفة ناظرة بالمرحلة الإعدادية، وكانت من الفترات الناجحة والسعيدة في حياتها أيضاً رغم مشقة الحياة بالنسبة لها هناك. ظلت بعمان لمدة 4 سنوات، وبعد انتهاء إعارتها، كان اسمها ضمن قائمة المطلوبين لتجديد فترة الإعارة، ولكنها فضلت العودة إلى مصر. تفتخر أمينة بما لاقته من تقدير خلال فترة إعارتها ومحبة من عملت معهم لها، واستمرار العلاقات الطيبة بينها وبينهم بعد عودتها إلى مصر. عادت بعد ذلك للعمل بالتوجيه، وأصبحت موجهة للمرحلة الثانوية، ثم موجهة أولى، ثم حصلت على تدريب آخر وأصبحت موجهة عامة، قبل أن تحال إلى المعاش.

تتذكر كيف حاولت من خلال عملها تنمية الروح الوطنية لدى طلبتها، وكيف صحبتهم لزيارة المتاحف المختلفة للتعرف على تاريخ بلادهم. كما تتحدث عن الفارق بين التعليم في زمنها وبين التعليم الحالي، وكذلك الروح السائدة بين المعلمين والمعلمات، التي اختلفت أيضاً عن السابق. كما تحدثت عن الاختلاف الذي تم في المناهج الدراسية نفسها، وتشعر بالأسف كون مادة التاريخ قد تحولت لمادة اختيارية بالمرحلة الثانوية، وهي المادة التي اعتبرتها واحدة من أسس الحياة. وقد شبهت مادتي التاريخ والجغرافيا، بالمسرحية والمسرح، فالمسرحية هي التاريخ والمسرح هو الجغرافيا والأرض، لا ينفصلان عن بعضهما، ولا يستقيم أحدهما دون الآخر.

لا يوجد مقاطع فيديو