في هذه المقابلة تتحدث تهاني مختار، إحدى رائدات العمل الاجتماعي في مصر، عن تعليمها الذي بدأ بالتحاقها بمدرسة “العباسية الثانوية”، حتى التحقت بالمعهد البريطاني وحصلت على شهادة الدبلوم. تتحدث أيضاً عن رحلتها مع العمل الاجتماعي، وعملها عضوةً في “جمعية الهلال الأحمر” و”جمعية الأسر المنتجة” و”رابطة الإصلاح الاجتماعي” و”جمعية إنقاذ الطفولة”. شاركت تهاني أيضاً في النشاط الحربي أثناء العدوان الثلاثي في 1956، والنكسة في 1967، وحرب أكتوبر في 1973.
ولدت تهاني في إنجلترا في أسرة تكونت من شقيقين وشقيقة، ووالدها الذي عمل في نهاية حياته مستشاراً اقتصادياً لحكومة دولة قطر وتوفي بها، وكان قد تواجد بإنجلترا للدراسة بإحدى الجامعات للحصول على شهادة البكالوريوس ومن بعدها شهادة الدكتوراه، وهناك تعرف على والدتها إنجليزية الجنسية، التي كانت زميلة له بالجامعة، وتزوجا، وعادا إلى مصر عندما انتهى والدها من دراسته، وكان عمر تهاني 4 أعوام فقط آنذاك. وبعد عودتهم إلى القاهرة بستة أشهر فقط، توفيت والدتها ودفنت بمصر.
تتذكر تهاني أن تعليم الفتيات كان أمراً عادياً وطبيعياً، بل أساسياً بالنسبة لعائلتها، وتتحدث بشغف شديد عن تعليم الفتيات، والنقلة الحضارية التي تحدث للفتاة من خلال تعليمها، وكيف لم تجد هي أو أسرتها أي تعارض بين الحفاظ على التقاليد وبين تعليم الفتيات. التحقت في المرحلة الابتدائية بمدرسة “العباسية الثانوية”، ولكنها تزوجت قبل حصولها على الشهادة التوجيهية. ثم التحقت بعد ذلك بقسم اللغة الإنجليزية بالجامعة الأمريكية، ولكن لم ترق لها الدراسة به، فتركته والتحقت بالمعهد البريطاني، وحصلت منه على شهادة دبلوم. التحقت مرة أخري بالجامعة الأمريكية لأخد دروس في اللغة الفرنسية، وذلك بسبب استعدادها في إحدى الفترات للسفر إلى فرنسا.
تحدثت عن زوجها المهندس عمر الغمراوي الذي عمل في الهيئة العربية للتصنيع، وكان من ضمن أول دفعة يتم تجنيدها في القوات المسلحة مهندساً عسكرياً، أي جندي مجند وليس ضابطاً.
تفرغت في البداية لمنزلها فقط، ولكن تذكر أنه بعد قيام حرب 1956، شعرت بالرغبة الشديدة في المشاركة بعمل ما يخدم البلاد. وقد بدأت عملها الخيري عن طريق المشاركة في إرسال التبرعات مع بعض أفراد الأسرة والأصدقاء لمساعدة جمعية “الهلال الأحمر” خلال العدوان الثلاثي. في 5 يونيو 1967، وهو اليوم الذي تتذكره بمنتهى الأسى والحزن حيث تزامن مع النكسة، ذهبت في ذلك اليوم تحديداً إلى “الهلال الأحمر” لتبدي رغبتها في التطوع والمساعدة. وتذكر احتضان كل من السيدة استقلال راضي لها بعد بدء عملها التطوعي، وكانت آنذاك رئيسة مجلس إدارة جمعية “النور والأمل” وعضوة في “الهلال الأحمر”، وكذلك السيدة زينب عزت، وكانت رئيسة مجلس إدارة “جمعية الأسر المنتجة” وسكرتيرة عامة في “الهلال الأحمر”، والتي ترجع إليها الفضل في تدريبها على العمل التطوعي، وكيفية العمل بالجمعيات، وتدين لها بالولاء الشديد.
حثها شغفها بالتمريض ورغبة والدها السابقة في أن تصبح طبيبة على الالتحاق بدورة تدريبية لمدة 6 أشهر بمستشفى العجوزة. وذهبت إلى الجبهة في عام 1968 وتطوعت إبان حرب الاستنزاف، وكان من ضمن عملها التطوعي القيام بزيارة الجنود قبل اشتعال الحرب، والمشاركة في ترحيل الفلسطينيين، ولم شمل الأسر والذهاب بها إلى القنطرة شرق. وقد انضمت أيضاً إلى “جمعية إنقاذ الطفولة” في أواخر عام 1968، وتتحدث عن محبتها الكبيرة لهذه الجمعية وللأطفال المتواجدين بداخلها، وكيف أصبح لدى الجمعية حضانة للأطفال الرضع، ومدرسة تابعة لوزارة التربية والتعليم، وتفتخر خصوصاً بعدم شعور أطفال الجمعية بالاختلاف أو النقص مقارنة بأي من أقرانهم. تحدثت أيضاً عن الدور الهام الذي قامت به الأستاذة زينب عزت والأستاذة فاطمة حجازي، التي كانت عضوة بـ “جمعية إنقاذ الطفولة” وكذلك رئيسة لجمعية “أولادي”.
تحدثت تهاني عن دور “الهلال الأحمر” خلال حربي 1967 وأكتوبر 1973، عبر إقامة المستشفيات العسكرية، والتعاون مع المستشفيات في خدمة المرضي، وتوفير الأدوية والمقاعد. كما تحدثت عن الحس الوطني الهائل لدى المصريين، الذي تجلى تحديداً في وقت حرب 6 أكتوبر في عام 1973. وتتذكر زيارتها لسيناء بعد العبور ضمن وفد ذهب للتعرف على خط بارليف من الداخل، وتذكر كيف ركعت على الأرض لتقبل ترابها. تتذكر أيضاً جمعية “الأسر المنتجة” التي كانت عضوة بها، وأنشطتها المختلفة وعلى رأسها السوق الخيري، وكيف ساهمت الجمعية في تحسين الظروف المعيشية لعدد كبير من الأسر. تحدثت كذلك عن دور الجمعية خلال حرب الاستنزاف ومساعداتها للمجهود الحربي، وخاصة في توفير الملابس للمهجّرين.
تحدثت أيضاً عن الدور الذي قامت به جمعية “الهلال الأحمر” في أوقات الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل، وقد تولت رئاسة معسكر حي السيدة زينب خلال زلزال 1992، وكان دورها يقوم على استلام التبرعات الوافدة من مصر والدول العربية وتوزيعها على الأسر التي عانت بسبب الزلزال. تحدثت كذلك عن مشروع “زينهم” الذي تم تحت رعاية محافظ القاهرة الأسبق، والسيدة الأولي آنذاك سوزان مبارك، وتبرعات بعض رجال الأعمال. وقد تضمن المشروع إقامة 28 وحدة سكنية لسكان العشوائيات، وتم توسيع نطاق المشروع ليضم 85 وحدة سكنية. يُذكر أن جمعية الهلال الأحمر تقوم بالإشراف على منطقة زينهم، ورفع مشكلات الأهالي إلى المحافظ الذي يرأس مجلس إدارة الجمعية.
تتحدث تهاني عن أهمية العمل الاجتماعي والخيري، وأيضاً عن أهمية الصناعة والإنتاج. كما تتحدث بمحبة نابعة من القلب عن بلدها مصر، وكيف صعب عليها الابتعاد عنها لفترات طويلة، وعن عدم شعورها بالأمان في أي مكان آخر. كما تتحدث عن شعبها ومحبته الشديدة لبلاده، وعن عطائه الذي لا يتوقف، والذي استمر على مر العصور المختلفة، وترى أنه مهما توارى حس الانتماء لديه في لحظات، إلا أن الروح الوطنية لديه تظهر دائماً في أوقات الشدائد. وتفتخر تهاني بما أنجزته المرأة المصرية، وتعتز بكونها تنتمي كسيدة مصرية لأجيال سابقة من الرائدات اللاتي ساهمن بجهد عظيم في نهضة مصر، وتذكر بعضاً منهن، مثل الرائدات نبوية موسى، وسهير القلماوي، وأمينة السعيد.
37498197(202)+
37497527(202)+
4 ش عمر بن عبد العزيز متفرع من ش العراق المهندسين، الجيزة، جمهورية مصر العربية