مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

جنفياف سيداروس

( 1925 - 2016 )
تاريخ المقابلة
3 يوليو 2003
الأرشيف

جنفياف سيداروس

صحفية، مترجمة، باحثة، وكاتبة

في هذه المقابلة تتحدث جنفياف سيداروس، إحدى رائدات مجال الصحافة والترجمة والناشطة السياسية. تخرجت من كلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، جامعة القاهرة، وحصلت على درجة الماجستير في الصحافة عام 1953. كتبت في عدد من الصحف والمجلات مثل “السياسية” و”البلاغ”، التي تولت فيها القسم الخاص بالمرأة. سجلت جنفياف مقابلات مع عدد من رائدات الحركة النسوية مثل سيزا نبراوي، ودرية شفيق، وأمينة السعيد.

 

ولدت جنفياف بمنطقة الفجالة بالقاهرة بحارة عتابي التي تفتخر بانتمائها لها، وتتذكر أنها قد خيرت وأخواتها بين السكن في الحارة وبين شارع كبير فاختاروا جمعياً البقاء في الحارة، فكما تقول: “لأن الشارع في ترماي وفيه محلات وفيه دوشة. إحنا كنا الحارة مافيهاش ضجيج، وحكاية إن البيت 3 أوض واسعين، الوسع ده ويمكن أكتر الأوضه و3 فرندات بيبصوا على جنينة، وبعدين الجنينة منسقة جدا وموجود أحواض للزهور، وبعدين الشجر بيميل على البلكونات، فمثلاً الأوضة الوسطانية عليها شجرة مانجه فكان كل عيال البيت ينزلوا عندنا ويطلعوا على الحديد وهما صغيرين علشان يطولوا الثمرات بتاعت المانجه حتى قبل ما تستوي وجنبها شجرة جوافة”. تحدثت عن ارتباطها الشديد بالريف والدوار هناك، الذي صحبتها والدتها إليه كثيراً في طفولتها. لم تتلق والدتها أي تعليم ولكن عنها تقول: “إن والدتي ماكانتش متعلمة، إنما حاجة غريبة جدا، كان عندها ذكاء منقطع النظير، أولا لما دخلنا الكهربا، كانت تتابع التمثيليات في الإذاعة، تمثيلية تمثيلية، وقبل ما ندخل الكهربا كانت تطلع عند جيرانا تسمع نشرة الأخبار، وكانت عاملة بيتها زي بيت الأمة، كانوا العيلة كلها تجتمع وتدور مناقشات حامية جداً”. أما والدها، فكان يعمل بوزارة الداخلية بقسم تحقيق الشخصية، تعلم في مدارس أجنبية، وعمل مترجماً في المحاكم العسكرية الإنجليزية.

أصرت والدتها على تعليمها وتحقيق ما لم تستطع إنجازه عن طريقها، فألحقتها في البداية بمدرسة الأمريكان بالفجالة، وتتذكر أن المدرسات كن أمريكيات الجنسية. التحقت بعد ذلك بمدرسة الأمريكان بالأزبكية، وتذكر ناظرتها الأمريكية الحازمة مس فرينش. لم يسمح لها ولزميلاتها بالمدرسة استخدام اللغة العربية إطلاقاً، ولكن تتذكر أن مدرس اللغة العربية كان على مستوى عال جداً، كذلك شكل حبها للقراءة فارق في اتقانها للغة العربية، وكما تقول: “واللي نفعني هو القرايات الخاصة بتاعتي، لأن على سور مدرسة الأمريكان بتاعت الفجالة، كان في راجل بيأجر روايات الجيب، وأنا بادين لروايات الجيب بنص تكويني، فكانوا بيدونا مصروف، ومصروف كافي جداً إن أنا أقدر أأجر روايات، وأشتري شيكولاته نستله، كان فيها جوايز وحاجات زي كده، لما كان معايا. فكنت رايحة جايه على الراجل بتاع روايات الجيب، عرفت كل أسامي الأدباء المشهورين”.

التحقت بعد ذلك بمدرسة الأميرة فوقية الثانوية بالقسم الأدبي الإنجليزي. وكانت إحدى زميلاتها هي الدكتورة فاطمة موسى، وكما تتذكر: “في توجيهية دخلنا مسابقة، كان في مسابقة في كل العلوم منها الإنجليزي، فأربع بنات نجحوا في مسابقة الإنجليزي، وفاطمة موسى كانت الأولى وأنا التانية وواحدة تالتة من نفس الشعبة والرابعة كانت من مدرسة حلوان، كان بيدينا مجانية التعليم العالي، بيدونا 20 جنية وشويه كتب”. شاركت خلال فترة دراستها الثانوية في أنشطة جمعية الشابات المسيحيات وارتبطت بالجمعية ارتباطاً شديداً، وتذكر أن أغلب العضوات كن خريجات مدرسة الأمريكان. وتذكر من زميلاتها فيبي خليل، وكيف شاركن في نشاط الرحلات والمعسكرات وكورال الكنيسة.

بعد انتهاء دراستها الثانوية، التحقت بكلية الآداب، قسم اللغة الإنجليزية، وبدأ اهتمامها بالصحافة في مرحلة الدراسة الجامعية وعرفَّها ابن خالتها برئيس تحرير مجلة “الرأي العام”. بدأت الكتابة بالمجلة وكانت أولى مقالاتها عن التقاليد المجتمعية، ولاقت المقالة صداً كبيراً. انضمت في الجامعة أيضاً لمجموعة تسمى “شكسبير جروب” والتي انخرطت في عدد من الأنشطة الثقافية، وتعرفت على عدد من زملائها، وتذكر منهم فؤاد محي الدين، وحسن عواض، ومصطفي سويف، ويوسف الشاروني، ومنير عبد المجيد، وإسماعيل السويفي. كانت في البداية هي الفتاة الوحيدة بينهم، ثم قامت بضم فاطمة موسي للمجموعة. ومن خلال المجموعة أيضاً بدأت علاقتها باليسار المصري بشكل عام واعتناقها لأفكاره. شاركت خلال فترة الجامعة أيضاً في أنشطة “رابطة فتيات الجامعة والمعاهد”، ومن خلالها توطدت علاقتها بالفنانة التشكيلية إنجي أفلاطون.

انخرطت في العمل السياسي، وتذكر أنها شاركت في عدد من المظاهرات نظراً لتمتعها بصوت جهوري وقدرتها على حشد الجماهير. ألقي القبض عليها عدة مرات وتم فصلها فصلاً مؤقتاَ من الجامعة وتحويلها إلى مجلس تأديبي نتيجة لمشاركتها السياسية.

تحدثت كذلك باستفاضة عن صديقتها سعدية عثمان التي تعتبرها أسطورة، إذ حاربت من أجل الحصول على التعليم وحق المشاركة السياسية، وأثمرت جهودها في حصول شقيقاتها على كافة حقوقهن، وتم تعيينها في الجامعة، ولكنها فُصلت من العمل بعد ذلك، وعنها تقول: “سعدية عثمان دي أنا باعتبرها أسطورة لأنها شكلاً كانت تعتبر جميلة، لها عينين في منتهى الجمال وورثتهم لبناتها وأبنها، وشها تحبي تبصي له، لكن هي كوش مصري جميل جداً فيه الذكاء مع الطيبة مع التفتح، هي نفسها كانت جامعة بين كل هذه الحسنات، عقل راجح جداً، عقل علمي جداً، عقل متزن، تفكر وتاخد مواقف، الناحية الإنسانية عميقة جداً عندها، بتعيش مشاكل الآخرين، ومش تعيش بس بتحل مشاكل الآخرين، وتبقى في قلب مشاكل الآخرين. بالنسبة لي أنا لعبت دور جامد جداً”. تحدثت كذلك عن صلة وثيقة جمعتها بالشاعر صلاح جاهين، ودفعها شغفها بالثقافة إلى الالتحاق بمجموعة موسيقية اسمها “Gramophone Society”.

التحقت جنفياف أيضاً بمعهد الصحافة وعملت في جريدة “السياسة” و”البلاغ”، وحاورت بعض الرائدات مثل أمينة السعيد ودرية شفيق. كذلك عملت في بعض المجلات، ومن بينها “الجماهير”، وتولت الجزء الخاص بالمرأة.

تحدثت أيضاً عن تجربتها مع العدوان الثلاثي عام 1956، وكيف اعتقلت مراراً في تلك الفترة. وتتذكر جنفياف أنها شغلت وظيفة في الإدارة التعليمية مع بعض من زملائها الممنوعين من العمل في التدريس، وقد امتنعت عن العمل لمدة ثلاث أعوام اعتراضاً على نقلها إلى أسوان، وقامت أثناءها بإجراء تسجيلات مع رائدات الحركة النسوية ومنهن سيزا نبراوي، وتناولت التسجيلات الرائدة هدى شعراوي والحركة النسوية. كما تتذكر أنها شاركت في مسابقة قيمتها المالية 500 جنيهاً لعمل كتاب باللغة الإنجليزية يتعلق بالقضية الفلسطينية، وأنها قامت بالاشتراك فيها من أجل الخروج من أزمة مالية على حد قولها. قامت أيضاً بترجمة عدة أعمال أدبية، من بينها “بيجماليون” ومسرحية “التبغ”، وعن إنجازها خلال مسيرتها، تقول: “هو من أهم مجهوداتي إني اتكلم عن الناس العاديين والعلاقات الاجتماعية والحالة الاجتماعية اللي كنا عايشين فيها والحالة الفكرية، ويهمني إن أنا أشيد ببطولات أو مواقف بعض الناس اللي مافيش ضوء كافي عليها، وشذرات كده من الشخصيات البارزة كمان، يعني الناس العاديين زائد الشخصيات البارزة اللي كان ليه علاقة بيهم، بعض خبرات يعني عملت بصمات في حياتي”.

فيلم الحضارة المصرية القديمة نبل وسمو وخلود