في هذه المقابلة تتحدث رحمة نشأت، رائدة العمل الاجتماعي والناشطة نسوية، عن تعليمها بمدرسة “سانت كلير”، وحتى حصلت على شهادة أوكسفورد وكامبريدج الثانوية. تتحدث أيضاً عن بداية نشاطها الاجتماعي وهي طالبة في المدرسة، من خلال “مبرة فريال للخدمة الاجتماعية”، وتأسيسها لرابطة “العمل للعرب” وحضانة “دار الحنان”. اهتمت بقضايا اللاجئين الفلسطينيين، وشاركت في النشاط الحربي أثناء حربي 1948 و1967. كما قامت بحشد الرأي العام تأييداً لحصول المرأة على حق التصويت والانتخاب.
تحدثت رحمة في البداية عن نشأتها في أسرة تكونت من 7 شقيقات و5 أشقاء، وكان والدها الدكتور أحمد نشأت، الذي درس الطب بالولايات المتحدة، رجلاً مستنيراً، ومهتماً بالتعليم إلى أقصى درجة. استمرت في مراحل التعليم، حتى التحقت في المرحلة الثانوية بمدرسة “سانت كلير”، وحصلت على شهادة أكسفورد وكامبريدج الثانوية، ثم اتجهت بعد ذلك إلى العمل الاجتماعي والخدمي.
تتذكر تجربتها مع العمل الاجتماعي، التي بدأت وهي طالبة بالمدرسة من خلال عملها في “مبرة فريال للخدمة الاجتماعية”، وكانت أصغر العضوات، حيث لم تكن قد بلغت الـخامسة عشر من العمر. وتتذكر تشجيع عضوات المبرة لها وسعادتهم بها، وكيف لاقت تشجيعاً من والدها أيضاً. انشغلت في المبرة بالنواحي الخيرية والاجتماعية، حتى أصبحت أمينة الصندوق. كان من ضمن مهام عملها المشاركة في إنشاء جمعية باسم “رابطة العمل للعرب،” وكانت مختصة بمساعدة “عرب المحمدي”، أي اللاجئين الفلسطينيين المقيمين بمصر، وتقديم الإسعافات والإعانات لهم. قامت الجمعية أيضاً بعمل عدد من الأنشطة والحفلات من أجل جمع الإيرادات لمساعدة اللاجئين. كذلك قامت بإقامة مشروع لتوفير وجبة الغذاء للطالبات المقيمات بالمدينة الجامعية.
تتذكر رحمة أيضاً قيامها بتقديم مساعدات طبية وقت تفشي وباء الكوليرا، وتقديم الإسعافات المختلفة للمصابين، بالمشاركة مع الأستاذة سنية عنان. وقد حازت على ميدالية تقديراً لجهودها.
تطوعت رحمة كضابطة إبان حرب فلسطين 1948، وكانت مسئولة عن الجرحى بمستشفى الحلمية، وكان عمرها وقتها 16 عاماً فقط، وتتذكر أنه تحتم عليها آنذاك ارتداء الزي العسكري، سواء خلال فترات تواجدها بالعمل أو خارجه. وقد شارك عدد من السيدات الأخريات في التطوع، وتذكر منهن الأستاذة سميحة ماهر. وتتذكر حصولها في النهاية على رتبة “ملازم أول”. كما حصلت أيضاً على نوط الجدارة الذهبي، وساعة ذهبية من الملك فاروق تقديراً لدورها إبان حرب فلسطين.
قامت بعد ذلك بترك المبرة إثر بعض المشكلات التي واجهتها، وتتذكر قيامها بتأسيس دار حضانة بمصروفات رمزية تحت اسم “دار الحنان”، التي ألحقت بها داراً لكبار السن فيما بعد. كذلك قامت بإنشاء بيوت لتسكين الطالبات الجامعيات، ومعاونتهن على شئون الحياة اليومية، وتوفير الوجبات الغذائية لهن، وقد بلغ عدد المساكن التي أسستها 3 مساكن في مواقع مختلفة. تتحدث عن ذكرياتها مع الطالبات، وكيف عاملتهن بشدة أساسها المحبة والاهتمام بهن. تتذكر أيضاً كيف طلبت من الجامعة إمدادها بالحرس الجامعي لحماية سكن الطالبات، وكذلك اصطحاب الطالبات من الجامعة إلى السكن عند عودتهن من المحاضرات في أوقات متأخرة، وتتحدث عن التعاون الدائم الذي لقيته من كل من مدير وسكرتير الجامعة.
انشغلت أيضاً بالعمل السياسي من خلال “الحزب النسائي” الذي كانت ترأسه الأستاذة فاطمة نعمت راشد، وكان من بين عضواته الإعلامية الرائدة آمال فهمي. وتتذكر أنهن قمن بالمطالبة بمقابلة مصطفي النحاس باشا لمناقشته في حصول المرأة على حقوقها كاملة، وكيف كتبن اللافتات الموجهة له بدمائهن.
شاركت أيضاً في اعتصام النساء في نقابة الصحفيين، مع الرائدات درية شفيق، وفاطمة نعمت راشد، وسيزا نبراوي، ووفد من “جمعية هدي شعراوي”. وتتذكر مشاركتها في تعبئة الرأي العام لصالح الاعتصام، والذهاب إلى ناظرات المدارس لحثهن على تأييده. وقد أثمر الاعتصام عن حصول المرأة على حقوقها السياسية.
عَرض عليها الضابط أحمد أنور الذهاب إلى الجبهة أثناء العدوان الثلاثي، وقد تم قبولها، ولكن الأمر لم يكتمل. تحدثت رحمة نشأت كذلك عن دورها وقت النكسة في عام 1967، وزيارتها المستشفيات، وتقديمها المساعدات للمصابين، وجمعها الأموال من جميع معارفها.
إضافة إلى ذلك، فقد تولت مسئولية توزيع المعونات من وزارة الشئون الاجتماعية على بدو سيناء. وفي مرحلة ما بعد ثورة يوليو، تم اعتقال العديد من المصريين في ليبيا، ومن بينهم أحد أشقائها، فقامت هي مع مجموعة من السيدات بالذهاب إلى المعتقلات الليبية من أجل بحث سبل الإفراج عن ذويهم.
تعتز رحمة بمشاركتها دائماً بالتطوع في كافة الأحداث الكبرى التي مرت بها مصر، وهو الأمر الذي جعلها غير قادرة في كثير من الأحيان على ممارسة حياتها الاجتماعية بشكل طبيعي، نظراً لضيق وقتها وانشغالها الدائم بالعمل الخدمي.
37498197(202)+
37497527(202)+
12 شارع سليمان أباظة، الدقي – الجيزة.