مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

سوسن جريس

( 1945 )
كلمات مفتاحية
الأرشيف

سوسن جريس

مديرة مدرسة

في هذه المقابلة تتحدث سوسن جريس، مديرة مدرسة الراهبات الألمانية، عن مسيرتها مع التعليم والعمل التي بدأت من مرحلة الروضة، ثم بالتحاقها بمدرسة الراهبات الألمانية. تم تعيينها بنفس المدرسة كسكرتيرة في عام 1963، ثم أصبحت مديرة مساعدة في عام 1973، ثم مديرة للمدرسة.

ولدت سوسن بالإسكندرية، وتتذكر أنها سميت على اسم ابنه جارهم الدكتور ياقوت السهوي. التحقت في بداية مراحل التعليم بالروضة، وكان عمرها 3 سنوات ونصف. التحقت بعد ذلك بمدرسة الراهبات الألمانية، التي بدأت عملها في مصر في عام 1884، وقد كان سبب اختيار والدها للمدرسة دراسة ابنة الدكتور ياقوت بها، نظراً لحبه الشديد له ولعائلته ورغبته في الاحتذاء به. وتذكر أن مدرساتها جميعاً في تلك الفترة كن من الراهبات الألمانيات خريجات الجامعات مثل جامعة كمبريدج وغيرها، فيما عدا “فير إنكوخ” معلمة اللغة الألمانية التي لم تكن من الراهبات، ولكنها تصفها بأنها تكاد تكون من الراهبات لقيمتها الكبيرة بالمدرسة. وتتحدث عن محببتها الشديدة لمصر وبقائها فيها تقريباً طوال حياتها، وعن محبة أولياء الأمور الشديدة لها، نظراً لدعمها الكبير للطالبات طوال الوقت، وسعيها إلى الكمال رغم شدتها. وكان التعليم يشمل اللغة الفرنسية والإنجليزية، وتبدأ دراسة اللغة العربية لاحقاً في المرحلة الابتدائية وبعد مرحلة الحضانة، وكن معلماتها مصريات الجنسية وخريجات مدرسة المعلمات. وتتذكر أن التعليم بالمدرسة كان لا يشترط فيه أن يتبع مناهج وزارة التربية والتعليم آنذاك. وعن علاقتها بالراهبات، ترى أنها كانت علاقة قائمة على المحبة والحنان والرعاية والعطاء والاعتماد على الأساليب التربوية الصحيحة، رغم الشدة النابعة من المحبة والاهتمام. كانت الدراسة بالمدرسة الألمانية شاقة، وتصف الأسلوب التربوي بأنه لم يكن أسلوب صارم، بل أسلوب حكيم وقائم بالطبع على الالتزام، والتعليم بالمثل والاقتداء. في المرحلة الإعدادية، بدأت المعلمات المعارات من ألمانيا في الالتحاق بالمدرسة، ولم يعد التدريس مقتصراً على الراهبات كما في السابق.

كان بالمدرسة قسم تجاري بدأ منذ عام 1925، ويعد هذا القسم بالمدرسة الألمانية بالإسكندرية هو القسم التجاري الوحيد الموجود بالمدارس الألمانية بشكل عام، وهو القسم الذي التحقت به سوسن عقب حصولها على شهادة المرحلة الإعدادية. وكانت المدرسة تمنح شهادة أخرى بعد شهادة الإعدادية بسنة واحدة وكان اسمها شهادة “متريليلافيا”، وكانت المدرسة هي المسئولة عن توجيه الفتيات في الالتحاق بالقسم الثانوي أو القسم التجاري. وتتذكر أن الدراسة بالقسم التجاري كانت مدتها سنة واحدة، ولكن تصفها بأنها سنة شاقة جداً. وتتذكر إحساس الراهبة التي تقوم بالتدريس لهن في ذلك الوقت وكان اسمها “مس إيدينود” بالمسئولية الشديدة وبقاءها معهم طوال الوقت، نظراً لحرصها الشديد على تميزهن في ميدان العمل، وكما تقول، كانت الطالبات يهبنها بشدة ويعشقنها في ذات الوقت.

تتذكر أيضاً اهتمام مديرة المدرسة “شوستر سيسيليا” بها في وقت امتحانها للحصول على شهادة القسم التجاري، ووقوفها بجوارها طوال فترة الامتحان تقريباً، ثم طلبها أن تقوم سوسن بالمساعدة في أعمال المدرسية. كانت فكرة العمل مرفوضة تماماً بالنسبة لوالدها، حيث كان والدها تاجراً للقطن، ولم ير سبباً ولا حاجة لعمل ابنته. ولكن عندما علم برغبة “شوستر سيسيليا” في أن تقوم بمساعدة الراهبات في المدرسة، وافق على الفور، لما رآه من فضل كبير لهن في تربية ابنته، ونظراً لاعتباره أن المدرسة كانت كالمنزل بالنسبة لها، والراهبات بمثابة أهل لها. وعندما ذهبت للمساعدة، وجدت أنه تم الحاق “شوستر سيسيليا” للعمل بمدرسة القاهرة، وإلحاق مديرة مدرسة القاهرة للعمل بمدرسة الإسكندرية، وذلك لأن المدرسة اعتمدت نظام تغيير الإدارة كل 6 سنوات على التوالي. أبلغت المديرة الجديدة “شوستر إنجابارك” برغبة المديرة السابقة في أن تقوم سوسن بمساعدتهم، وبالفعل سمحت لها بالعمل، والذي تتذكر أنه بدأ بقيامها بتجليد الكتب والكراسات، ثم بدأت في المساعدة في إعداد جداول المعلمات. تنوع عملها لفترة طويلة داخل المدرسة حتى طلب منها القيام بالتوقيع على بعض الأوراق، فقامت على الفور بالتوقيع دون النظر في محتوى هذه الأوراق، لتجد أنه قد تم تعيينها للعمل كسكرتيرة المدرسة، وذلك في عام 1963. وتتذكر أنه في عام 1967، بدأت المدارس الألمانية في تطبيق نظام التعليم المصري واتباع المناهج المصرية. استمرت في عملها حتى أحيلت المديرة المساعدة بالمدرسة “مدام سنية” إلى المعاش وشغلت هي وظيفتها في عام 1973، واستمرت بالعمل في المدرسة حتى أصبحت مديرتها.

وتتحدث مرة أخرى عن فترة عملها مع الراهبات وكيف كانت تقوم على الالتزام، ومحبة أولياء الأمور، والتكاتف بين المنزل والمدرسة، والتفاهم، وإيجاد الحلول السريعة لما قد يطرأ من مشكلات بسيطة. كما تتحدث عن جو المدرسة الهادئ والمستقر، حتى في فترات المشاكل السياسية والحروب، التي لم تؤثر على الحياة المستقرة والآمنة داخل المدرسة، حيث حرصت المدرسة على أن تعمل بشكل منعزل تماماً عما يجري من أحداث سياسية. تتذكر أيضاً خلال فترة عملها الحرص الدائم على تطوير المناهج التعليمية، خاصة بعد أن بدأ إعداد الطالبات للحصول على الشهادات الرسمية المصرية، الذي جاء بناءً على تقدمها بطلب لوزارة التربية والتعليم من أجل مد شهادة القسم التجاري لثلاث سنوات، وهذا بهدف إتاحة الفرصة للطالبات للالتحاق بالجامعة على حد قولها. وتتذكر أن المناهج المصرية كانت تُترجَم لطالبات الشهادة الإعدادية والثانوية، وقد شاركت هي كثيراً في هذه الترجمات بالتعاون مع معلمات ومعلمي مادة اللغة العربية، وأنه بالفعل تم مد فترة الدراسة في القسم التجاري لتصبح 3 سنوات.

أحبت سوسن عملها بشدة واستمتعت به، وتعتبر المدرسة بيتها الذي عاشت به عملياً لفترات أطول مما عاشت في منزلها ووسط عائلتها. ولم تعبتر نفسها في أية لحظة ذاهبة للعمل، ولكن كان الأمر بالنسبة لها وكأنها تتنقل بين بيتين، وترى أن عملها هو بمثابة رد الجميل لمن علموها وبنوا حياتها.

لا يوجد مقاطع فيديو