مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

شهوار حجازي

( 1918 - 2014 )
تاريخ المقابلة
3 نوفمبر2001
الأرشيف

شهوار حجازي

رائدة العمل الاجتماعي

في هذه المقابلة تتحدث شهوار حجازي، رائدة العمل الاجتماعي في مصر والعضوة المؤسسة في جمعية رعاية الأحداث، عن مسيرتها مع التعليم والعمل الاجتماعي، وكيف شاركت هي وزميلاتها في تأسيس الجمعية وكانت الجمعية غير الحكومية الأولى والوحيدة في ذلك الوقت لرعاية الأحداث.

نشأت شهوار حجازي مع شقيقتيها وشقيقيها، في ظل أسرة اهتمت بالتعليم والثقافة، وخاصة والدتها سعاد هانم صبحي، التي اهتمت بالعمل العام وشاركت فيه مع إستر ويصا وهدى شعراوي، وقد ألحقتها بمدرسة المير دي ديو الفرنسية بالقسم الداخلي، نظراً لعمل والدها بالأرياف. وكان والدها من المهتمين بالنشاط الاجتماعي والخدمي، كما كان عضواً في جمعية لرعاية المكفوفين مع النقراشي باشا. واستمرت بدراستها حتى حصلت على الشهادة الابتدائية الفرنسية. أحبت مدرستها والمعلمات، واستمرت على علاقة بهن وزيارة بعضهن بعد انتهاء دراستها، وتذكر منهن “مير سانت ميشيل”، التي ساهمت بأشغال يدوية في السوق الخيرية التي أقامتها شهوار فيما بعد. التحقت بالجامعة لتستكمل دراستها وظلت بها لمدة عام، ولكنها اضطرت لتركها نظراً لظروف صحية ألمت بها، فاهتمت بدراسة اللغة الإنجليزية فقط، ولم تعمل في ذلك الحين، ثم تزوجت وعمرها 19 عام، ولكن لم تستمر هذه الزيجة طويلاً. تزوجت مرة أخرى ورزقت بولدين وبنت، وبعد التحاق أبنائها بالجامعة، قررت هي أيضاً الالتحاق بالجامعة مرة أخرى، وحصلت على منحة لدراسة الاقتصاد لمدة عامين ونصف، ولكنها تركتها مرة أخرى بسبب أبنائها.

تتذكر شهوار أنها في عام 1937، قرأت عن عصابة تخطف الأطفال اسمها عصابة الطوخي، وكيف تأثرت كثيراً بهذا الأمر وقررت أن تقوم بعمل جمعية أهلية لحماية هؤلاء الأطفال. وبدأت في مناقشة الأمر مع صديقتها عطية هانم محمود، وكانت عضوة في الهلال الأحمر، والتي بدورها نصحتها بالتواصل مع إحدى المديرات في وزارة الشئون الاجتماعية للحصول على المساعدة. وبالفعل، تواصلت معها، ولكنها رفضت التعاون معها، فقررت استشارة إحسان هانم القوصي، التي كانت على دراية بمجال الخدمة الاجتماعية والتي ساعدتها حتى قامت بتسجيل الجمعية مع وزارة الشئون الاجتماعية في عام 1948 تحت اسم “جمعية رعاية الأحداث”. وتذكر بعض من المؤسسات الأخريات، وكانت بينهن السيدة أم كلثوم ووصفية هانم شكري، وساعدتهم لطيفة هانم العبد، ابنة الأميرة شويكار، مادياً بمبلغ 500 جنيهاً، للبدء في تأسيس الجمعية.

بدأت العضوات بتأجير مقر في منطقة كوبري القبة والقيام بتأسيسه، وكان هدفها هو إيواء أطفال الشوارع والعمل على إصلاحهم وتأهيلهم. واستمرت الجمعية في العمل لمدة عام بالجهود الذاتية، ثم طلبت المساعدة من وزارة الشئون الاجتماعية، فقام عبد الفتاح باشا حسن، وزير الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت، بمنح الجمعية مبلغ 1500 جنيهاً على سبيل إعانة. وتم تأسيس مدرسة داخل الجمعية، وتم تسميتها “مدرسة التربية الاجتماعية”، بدلا من تسميتها بإصلاحية، مراعاة لمشاعر الأطفال وحالتهم النفسية، حيث كانت مسئولة عن الأطفال المحكوم عليهم في “نيابة الأحداث”. واستمر نشاط الجمعية، ولكن بعد قيام ثورة 1952، تم قطع الإعانة عن الجمعية. وتسرد شهوار المصاعب التي واجهتها الجمعية إبان مرحلة التأميم بسبب الاستحواذ على الأسهم الخاصة بالعضوات؛ مما أضطرها إلى تخفيض قيمة الاشتراك بالجمعية. ونتيجة لذلك، اضطرت إلى تسليم الأطفال للدولة لكنها تمكنت مع زميلاتها من جمع التبرعات واستئجار مكان جديد نظراً لتركهن المقر الأول بسبب عدم قدرتهن على دفع مبلغ الإيجار، وقامت بإعادة افتتاح الجمعية مرة أخرى. وكان من أهم أنشطة الجمعية إقامة سوق خيرية سنوية، وتعاونت معها في ذلك السيدة ليلي إبراهيم.

وتحكي شهوار عن إحدى قصص نجاحها بعد استعادة نشاط الجمعية وخلال حرب الاستنزاف، فتقول: “جت السنة بتاعت اللي بيقولوا عليها «حرب الاستنزاف» كل منطقة القناة أتهجرت، المهاجرين اللي ماشيين من القناة واحد ولد صغير نشال ماشي معاهم، ما هو هايقعد ينشل مين هناك! مفيش حد، مسكوه جابوه لي. أول ما جه قال أنا عاوز أكتب جواب لأبويا، تعرف تكتب؟ قال لأ. كتبنا له الجواب مش عارف حاطط كام قلم حبر فين وكام نظارة فين؛ كل الحصيلة بتاعت النشل بتاعه بيوصي عليها أبوه. وفاتت الأيام ويوم جاي لنا من بورسعيد راجل جايب ابنه معاه. قلنا له أنت إيه اللي جابك هنا؛ عاوز مننا إيه؟ قال عاوز أحط ابني معاكم اللي تطلبوه، أدفعه، قلت له لأ دي أصلها إصلاحية؛ إحنا بنقول عليها مدرسة بس هي إصلاحية. قال لي أصل جاري كان له ابن نشال وسلوكه وحش، غاب ورجع لنا بيعرف يقرا ويكتب وبيصلي والولد أتغير خالص. طبعا الواحد بيفرح لما يشوف كده”.

تحدثت عن معاناتها في البداية بسبب قلة خبرتها في هذا المجال، وصعوبة التعامل مع الأطفال، خاصة في ظل رههبتهم من دخول الجمعية في البداية، ولكن بمرور الوقت يتغير الوضع، فكما تقول: “بعد ما يقعد ويطمن وينبسط أوي ويشوف إنه قاعد مع ولاد زيه بتبقى حاجة تانية: بيبقى الولد بيضحك وبيجري، الطفل طفل مهما تقولي، تعامليه بحنية”. وتذكر كيف ساعدتها القراءة كثيراً في التعرف على طرق التعامل مع الأطفال.

تفتخر شهوار بنماذج لأطفال الجمعية والتحول الذي حدث في حياتهم وشخصياتهم بعد الرعاية التي لاقوها بالجمعية، فمثلا تقول: “ودلوقتي لما أشوف الأولاد اللي نجحوا في حياتهم اللي كانوا من أوساط فقيرة جداً، واحد بالذات كان هربان حتى من أبوه وما رضيش يرجع له أبدا، كان بيخاف منه، كان بيعامله وحش. ده دلوقتي باني عمارة وجامع. هو بيحكي لي، إنه اشتغل عند واحد حلواني، والراجل انبسط منه وجوزه بنته وطلعت البنت دي آية في الكمال؛ هو كان اتعلم التجارة عندنا”.

لا يوجد مقاطع فيديو