مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

م. ج. أ.

كلمات مفتاحية
تاريخ المقابلة
23 سبتمبر 2004
الأرشيف

م. ج. أ.

وكيلة مدرسة

في هذه المقابلة تتحدث م. ج. أ.، إحدى رائدات التعليم، عن رحلتها مع التعليم والعلم وكيف أتمت دراستها بفضل والدها وعملت في مجال التدريس الذي أحبته حتى أصبحت وكيلة مدرسة.

ولدت م. ج. أ. في أسرة متوسطة في مركز دسوق بمدينة دمنهور. كان والدها يعمل موظفاً بالجمعية الزراعية الملكية، وكان مهتماً بالتعليم. لم يكن بدسوق في ذلك الحين إلا مدرسة واحدة للبنات اسمها “مدرسة مجلس المديرية”، وكما تقول: “ما كانش في مدارس نقدر ندخلها في دسوق، لدرجة إن كان في عائلات بيخلوا بناتهم يعيدوا السنين تاني، يعني يقعدوا في المدرسة لأنهم لسه سنهم صغير، ما فيش داعي يقعدوا في البيت من دلوقت”. التحقت م. بهذه المدرسة، وكان التعليم باللغة العربية فقط ومدته 6 سنوات. وتتذكر أنه لرغبتها ورغبة والدها في استكمال تعليمها، فقد قامت ناظرة المدرسة بافتتاح قسم داخلي خصيصاً لها ولبعض الطالبات الأخريات اللاتي رغبن في استكمال تعليمهن حتى تعطي لهن هذه الفرصة. استمرت دراستها بالقسم الداخلي لمدة عامين، مما أهلها للالتحاق بمدرسة المعلمات في طنطا، وكما تقول: “دي كانت داخلية رسمي، وكانت داخلية كويسة جداً، والحقيقة منظمة قوي، بنقعد فيها تلات سنين، والتعليم طبعاً كان بينصب على إن أنا أخرج مدرسة، فكان أهم حاجة إن إحنا نأخذ تربية وعلم نفس كويس قوي، ويمكن ده الواحد استفاد بيه لغاية الآن، في المعاملات كلها، استفاد باللي خده في الوقت ده. وكان من حسن حظي إن أنا كانت مدرستي في تربية وعلم نفس السيدة الجليلة اللي ربنا يرحمها ويجعله في ميزان حسناتها، فاطمة عبد المنعم عنان، اللي هي أم المعلمين، فكان لها تأثير كبير جداً في تربيتنا”. تحدثت أيضاً عن إحدى معلمات الرياضيات، السيدة سمية صادق، والتي اعتادت أن تعطي الفتيات دروساً إضافية بدون مقابل، لرغبتها في تفوقهن. حازت م. على المرتبة الثانية على مستوى المدرسة. انتقلت بعد ذلك إلى القاهرة للدراسة في الأقسام الإضافية للمعلمات في مدرسة بمنطقة شبرا، وكانت الأقسام المتاحة هي قسم الرسم وقسم التدبير، واختارت هي التدبير. وتتذكر المدرسة قائلة: “كانت فيلا في منتهى الجمال، كبيرة جداً، والداخلية حاقول لك كانت باركيه، والسلالم باركيه، وعندنا مشتل، وعندنا فسقية، وحوش وشجر، يعني بحقيقي كانت هي نفس المدارس كانت متعة للطالبة”. أحبت م. الرياضيات بشكل كبير، وكانت رغبتها هي أن تستكمل دراستها في مجال الرياضيات، ولكن نظراً لتعليمها من البداية في مدرسة المعلمات، كان عليها الاختيار بين الرسم والتدبير فقط. تخرجت من المدرسة في عام 1945، وكان عمرها 19 عاماً.

أهلها تفوقها للتعيين، واختارت أن يكون تعيينها في طنطا، وبالفعل تم تعينها في مدرسة الفنون الطرزية. ثم انتقلت بعد ذلك للعمل لمدة عام في مدينة المحلة، ومنها إلى دمنهور، التي استقرت بها مرة أخرى. وفي عام 1951، تزوجت م. وعاشت مع زوجها في الإسكندرية واستقرت بها.

أحبت م. العمل في مجال التدريس، وأحبت طالبتها ومادتها الدراسية بشدة، وكما تقول: “أنا باحب الطالبات جداً، وباحب مادتي قوي، يعني كنت بادرس، يعني مش عايزه أمدح، بس حاكون صادقة، كوني إن أنا كنت باحب المادة فيعني درستها بطريقة يعني مش مجرد إن يحطوا الصنف ده على ده ويطلع منه الحاجة، يعني أولاً  كنت النظام بتاع الفصل، يعني حاقول لحضرتك حاجة، أنا اشتغلت في مدرسة نبوية موسى، أول ما خدوها من نبوية موسى، كان في ناظرة حضرت لي درس، من غير مبالغة يعني، قالت لي أول مرة أحس بجمال حصة التدبير، أنتي بتعزفي سيمفونية، بجد من غير مبالغة”.

تنقلت م. بين عدد من المدراس بالإسكندرية، ومنها مدرسة الشاطبي الإعدادية، وتتذكر أنها قامت بتأسيس قسم التدبير في المدرسة منذ البداية، وتذكر أنها عندما أرادت أن تنتقل لمدرسة أخرى قريبة من منزلها، قوبلت بحزن شديد من ناظرة المدرسة السيدة ثريا العتريس، التي ظلت على علاقة وثيقة بها طوال حياتها، وكما تتذكر: “حسيت إن هي تكاد كانت الدموع في عينيها، قالت لي تعملي حاجة من ورا مني وتمشي، ده أنتي صمام الأمان بتاع المدرسة، بدون مبالغة كانت تقول لي كده دايماً، إزاي تعملي حاجة من غير ما أنا أوافق عليها، قولت لها خلاص مش حاروح، كلمت الله يرحمها السيدة هانم مصطفى، اعتذرت لها، قولت لها قولي عليا إن أنا عيلة، قولي إن أنا ماليش كلمة، قالت لي بصي وأنتي بتطلبي مني الطلب كنت متأكدة إنك مش حاتقدري تنفذيه، لأنك بتحبي مدرستك”.

استمرت في عملها وتدرجت فيه، وحازت على لقب المعلمة المثالية بالإسكندرية. طلبت بعد ذلك السفر للعمل في إعارة في دولة الإمارات، وتتذكر أن المدارس هناك لم تكن قد تعرفت بعد على مادة التدبير، وقامت هي بتأسيس قسم التدبير من البداية، وكما تتذكر: “أنا كنت باخبز في غطيان الحلل، الغطيان بتاعتهم كان مسطحة، كنت باستعمل علب التونة دول كعلب، كقوالب، أعمل فيها مثلاً كريم كراميل، ما أنا مش عاوزه أقعد، أنا عاوزه أشتغل، فضروري أخلق، الصناديق بتاعت الفاكهة دي كنت باجيبها أسنفرها وأدهنها وأعلقها وأحط فيها الأدوات. المفتشة نفسها مرة جات لي وأنا كنت باعمل معارض، ومش حاقول لك يعني مش عايزه أمجد في نفسي، أنا باقول الحقيقة”.

عادت لمصر مرة أخرى في عام 1979، وتم تعيينها على الفور كوكيلة مدرسة، ولكنها لم تجد نفسها في هذه المهنة مقابل مهنة التدريس التي أحبتها وقررت الحصول على معاش مبكر وكان عمرها 55 عاماً.

لم تشعر م. بأي تمييز كونها فتاة في محيط أسرتها، ولكنها لا تنكر ما رأته في المجتمع من تمييز ضد الفتيات بشكل عام، حتى لو لم تتعرض له بشكل شخصي، وكما تقول: “لا إحنا فعلا كنا مختلفين، كان معاملة برضه البنات غير الولاد، لأ بدليل إن كان في ناس كتير بتفرح بالصبيان وتبقى كارهة إنها تجيب بنات، لأ ما كانش ده اللي أنا حسيت بيه ده كان يرجع لوالدي الله يرحمه، بس القاعدة إن معاملة الولد تبقى مميزة عن البنت، والبنت تبقى في خدمة الولد تقريباً”.

لا يوجد مقاطع فيديو