بالصور وقصاصات الجرائد القديمة ولقطات أرشيفية نادرة وبأسلوب الحكى المبسط وبطريقة شيقة رصد كتاب «بناء ونضال» قصص كفاح المرأة لنعرف أن ما وصلت إليه الآن لم يأت من فراغ ولا في يوم وليلة بل قصة كفاح بكل قضية مثل المساواة في الأجور والتعليم والعمل ودخولها البرلمان وغيرها من القضايا المهمة. الكتاب للدكتورة هدى الصدة وميسان حسن حاولتا فيه رصد نضال النساء طوال السنوات الماضية ومنها قضايا حسمت بالفعل لصالح المرأة وأخرى لم تحسم وعن تفاصيل الكتاب كان لـ«نصف الدنيا» هذا الحوار مع صاحبة الكتاب الدكتورة هدى الصدة وهى رئيسة مجلس أمناء مؤسسة المرأة والذاكرة .
-في البداية كيف جاءتك فكرة الكتاب؟
بدأنا منذ سنوات من خلال مؤسسة المرأة والذاكرة فى التوثيق لتاريخ النساء وبدأنا بالتفكير في الكتاب لنحكى الحركة النسوية المصرية من خلال الوثائق وصور مقالات بالجرائد ويهدف الكتاب إلى إبراز دور النساء في الدفاع عن حقوقهن ورحلة كفاحهن وأنهن دفعن الثمن للحصول على هذه الحقوق وتعرضن لمواقف قاسية من المجتمع، فالكتاب يحكى حكاية نضال المرأة من أجل قضاياها من خلال الصور وأخذنا مجهودا كبيرا ليخرج بهذا الشكل لأنه معتمد أساسا على الأرشيف والصور، ولكي نوصل المعلومة بطريقة جذابة انطلقنا من أرشيف مؤسسة المرأة والذاكرة فلديها أرشيف للصور اشتغلنا عليه منذ 95 ، ولدينا مكتبة متخصصة ومجموعة أوراق خاصة لنساء مصريات متميزات وداد مترى وهند رستم ومارى أسعد.
-ما أبرز مشكلة واجهتك للإعداد للكتاب خصوصا أنه معتمد على الأرشيف والتاريخ؟
بالفعل لدينا مشكلة بالأرشيفات وهناك بعض المواد التي لم نتمكن من الحصول عليها ولكن أرشيف مؤسسة المرأة والذاكرة الذي بدأناه من 1995 ساعدنا كثيرا لخروج الكتاب بهذا الشكل.
وأخذنا وقتا طويلا للحصول على المادة الأرشيفية لأنه للأسف لا يوجد لدينا أرشيف مكتمل لم أجد مطبوعات مصورة لتسهل نقل المعلومة كما استعنت بصور من أرشيف الجمهورية ودار الهلال وهذا أهم ما يميزه وهو تقديم المادة المتخصصة بشكل جذاب وإتاحته للجمهور وليس فقط جمهور المثقفين.
-الكتاب منقسم لجزأين الأول بعنوان «نساء يؤسسن ويشاركن» حدثينا أكثر عنه؟
الكتاب يتناول نضال المرأة منذ بداية القرن العشرين حتى الآن ومشاركتها في المؤسسات من جمعيات وأحزاب فالجزء الأول يؤكد أن لهن باعا طويلا في بناء مؤسسات الدولة ،ولكي يحدث هذا خاضت المرأة معارك كبيرة مثل المساواة في الأجور، معركة نبوية موسى التي تعينت في مدرسة واكتشفت أن أجر المعلمين أقل منها بكثير، وذلك لحصولها على درجة علمية أقل فحينها لم تكن هناك مدارس تعطى درجة البكالوريا للسيدات، وبعد أن خاضت المعركة في 1907 وحصلت على درجة البكالوريا ظلت تناضل حتى 1928 حتى يسمح للنساء بالدخول في امتحانات البكالوريا وهذا يكشف معاناة المرأة لسنوات لكي يصبح لها حق مساو في الأجر والتعليم.
-للنساء دور مميز في بناء مؤسسات المجتمع المدني كيف قمتِ بتناول ذلك بالكتاب؟
الكتاب يحكى تاريخا متصلا للنساء ففي بناء المؤسسات الاتحاد النسائي المصري كان عام 1923 والذي أسسته هدى شعراوي وجمعية العمل المصري 1924 وترأستها «أستر فهمي ويصا» وكانت أيستر أحد أعلام الحركة النسائية في مظاهرات 1919 ، وجمعية الشابات المصريات 1929 حتى المؤسسات الحالية مثل مركز قضايا المرأة المصرية 1995 ، والمركز المصري لحقوق المرأة 1996 ونظرة للدراسات النسوية 2007 وتحالف المنظمات النسوية 2011 وغيرها من المؤسسات التي تدافع عن حقوق المرأة.
والكتاب يتضمن الكثير من الوثائق المميزة منها جوابات أرسلتها النساء العربيات لهدى شعراوي لتمثلهن.
-وهل أنت راضية عن وضع مؤسسات المجتمع المدني حاليا؟
في 2011 لو لم يكن لدينا مجتمع مدني قوى لكنا وقعنا في الصراعات المسلحة والدول التي انهارت لم يكن لديها مجتمع قوى ولدينا تاريخ للحقوق والحريات، وأعتقد أن الكتاب يحكى قصة جيدة في هذا الموضوع.
-»النساء يناضلن « عنوان الجزء الثاني للكتاب .. ما أهم القضايا التي قمت بعرضها بالكتاب ولم تحسم بعد لصالح المرأة؟
ركزنا بالفعل أيضا على المعارك التي ما زالت لم تحسم للمرأة بعد وأهمها دخول النساء السلك القضائي وهى بدأت في 1949 حين رفض رئيس الوزراء طلب الدكتورة عائشة راتب لشغل وظيفة في مجلس الدولة حتى قضية أمنية طاهر المقامة حاليا منذ 3 سنوات والتي تختصم فيها مجلس الدولة رغم أن دستور 2014 يلزم الدولة بتعيين النساء في القضاء وعندما نقارن بدول عربية وإسلامية مثل الجزائر وتونس نجد النسب بتولي النساء بالقضاء مرتفعة مقارنة بمصر.
-وما القضايا الأخرى التي أصبحت محسومة وانتصرت فيها المرأة وقمتِ بتناولها بالكتاب؟
قضايا التعليم والمساواة في الأجور ومعركة الحق في العمل ومعركة النساء في العمل بعد الزواج ويحكى قصة كوكب حفني ناصف وعملها كطبيبة في مستشفى كتشنر والمعارك التي خاضتها مع الإدارة والطاقم الإنجليزي في بداية عملها للدفاع عن حق الممرضات في الزواج والإنجاب مع الاحتفاظ بوظائفهن، وأصرت على أن الحمل ليس مرضا يستدعى التوقف عن العمل ولكنه وظيفة طبيعية للنساء وكذلك مهنة المضيفة كانت من المهن التي لا يسمح للمتزوجة بالعمل فيها.
-وما أبرز القضايا المجتمعية التي ما زالت لم تحسم لصالح المرأة حتى الآن؟
معركة ختان البنات ما زالت مستمرة ونسبتها مرتفعة والعنف ضد المرأة مثل التحرش فرغم قانون التحرش في يونيه 2014 ، والذي يغلظ التحرش ويجرمه وعقوبات وإنشاء وحدات متخصصة بأقسام الشرطة لكن ما زالت القضية مطروحة للنقاش.
-الكتاب يضم كتابات المرأة في الصحف كيف كانت وكيف تطورت؟
من أبرز القصص في هذا الشأن هى مقالة لمنيرة ثابت في الأهرام كانت بعنوان «لو كنت وزيرة» وكانت تكتب كيف كانت تطمح للحصول على المنصب ووقتها تحكى أن أصدقاء مقربين لها غضبوا من المقالة واعتبروها تخطى للحدود لنا أن نعرف من القصة أين كانت المرأة وإلى أين وصلت.
-من أهم المحطات بالكتاب تعديل الأحوال الشخصية ما رأيك فيها؟
أغلب التعديلات التي جاءت بقوانين الأحوال الشخصية في رأيي لم تكن جذرية وليست في صلب الموضوع، وجاءت لكي نطفئ حرائق كقانون الخلع مثلا والشقة من حق الزوجة ولكنّ هناك دولا عربية وإسلامية سبقتنا في هذا المجال.
-وماذا عن مشاركة المرأة في الأحزاب؟
الكتاب يتناول بداية تأسيس الحزب النسائي المصري في 1942 على يد نعمت راشد ومطالبته بحق النساء العاملات في التنظيم النقابي في الحصول على إجازات كاملة الأجر للوضع وإنشاء دور الحضانة للأطفال، كما طالب بتولي المرأة وظائف الدولة والتوقف عن قصرها على الرجال وحزب بنت النيل فى 1948 تحت رئاسة درية شفيق ودعا للمساواة المطلقة مع الرجال، كما يتناول لجان المرأة في الأحزاب وصولا لرئاسة المرأة للأحزاب.
-معركة الحقوق السياسية من أهم المعارك التي خاضتها المرأة كيف قمت بتناولها؟
بدأت معركة المرأة السياسية في العقد الثاني من القرن العشرين وتزامنت مع نشأة التنظيمات النسائية ذات الطابع السياسي، وطالبت النساء بالحق في الانتخاب والمشاركة في الحياة السياسية وطالبن بحقوق متساوية في الانتخاب والترشح وتقلد الوظائف العامة.
وفى 1956 حصلت النساء على حق الانتخاب والترشح ودخلن البرلمان في 57 بالطبع بعد معارك كثيرة خضنها للدفاع عن حقوق النساء، واعتصمت النساء في نقابة الصحفيين وأضربن عن الطعام احتجاجا على استبعاد النساء من لجنة كتابة الدستور حتى أصبحن الآن يشاركن فى كتابة الدستور، كما استعرضنا مشاركة النساء فى ثورة 25 يناير 2011 وثورة 30 يوينو.
-هل الكتاب متاح بنسخة إلكترونية؟
في الفترة الحالية لا ..سيوجه عائد الكتاب بأكمله لدعم مكتبة مؤسسة المرأة والذاكرة والأنشطة الخاصة بها، وسيكون الكتاب متاحا بعد عدة شهور إلكترونيا لأننا ملتزمون بإتاحة المعرفة للجميع.
-وهل الكتاب يمثل موسوعة لقصص كفاح المرأة؟
الكتاب ليس موسوعة فهو يقدم أمثلة ويوثق لجمعيات وأحزاب وليس كل المؤسسات والجمعيات والمعارك.
-هل أرشيف المرأة والذاكرة متاح إلكترونيا؟
نسعى في مؤسسة المرأة والذاكرة إلى أن يتم إتاحة المعلومات المتخصصة بطرق مختلفة ونركز على إتاحتة المعلومات المتخصصة بشكل جذاب، فمثلا في 2003 أصدرت كتاب قضايا المرأة في سطور وصور، وأغلب المعلومات والأوراق متاحة على موقع المؤسسة، ولكنّ هناك أوراقا يحتاج الباحث للاطلاع عليها بنفسه ويمكنه ذلك في المؤسسة فلدينا اهتمام خاص بتوثيق تاريخ النساء.
-وأخيرا هل سيكون المرأة والذاكرة بمثابة المكان الذي يحفظ تاريخ النساء بمصر؟
هناك تواصل مع عدد من الشخصيات النسائية العامة للحصول على الأوراق الخاصة بهن لأنهن لسن يحتفظن كلهن بأوراقهن الخاصة فهناك الكثيرات فقدن أوراقهن ونتمنى أن نكون بمثابة المكان الآمن الذي يحافظ على تاريخ الشخصيات النسائية.
لقراءة الحوار من المصدر اضغط هنا