في هذه المقابلة، تتحدث هند شيرين جمعة عن دراستها، وحياتها العملية في مجال الوسائط المتعددة الرقمية، وعن شركتها الخاصة، والتحديات التي تواجهها خاصة فيما يتعلق بفيروس كورونا المستجد، وأيضًا عن عائلتها وزوجها.
تخرّجت هند في كلية الترجمة الفورية بجامعة الأزهر، وانضمت إلى شركة EBM كمحررة ومترجمة، تعمل تحديدًا في مجال كتابة المحتوى على الإنترنت في مرحلة مبكرة من حياة الإنترنت القصيرة، أي عام 2000. تؤكد هند أن في تلك الفترة، لم يوجد وعيًا قويًا بأهمية المحتوى العربي على الإنترنت. لم تجد هند في الترجمة شغفها، فاتجهت إلى التطوير من نفسها. في البداية كانت تظن أن البرمجة مجرد طلاسم غير مفهومة، ولكنها قررت أن تتعلمها بنفسها. لم تنضم إلى أية دورات، بل اعتمدت على قراءة الكتب. تركت مجال الترجمة تدريجيًا وركزت على الوسائط المتعددة الرقمية. سافرت بيروت بعد ما يقرب من 15 سنة من العمل لحضور فاعلية، وحينها قابلت شريكها الحالي في العمل. أوعز لها شريكها أن يفتتحا شركتهما الخاصة، وحينها تركت هند عملها المستقر الذي كانت تحصل فيه على مزايا متعددة. اتفقت هند وشريكها منذ اليوم الأول لعملهما ألا يتدخلا في عمل بعضهما البعض، فلا يتدخل هو في مسائل العمليات والأمور الفنية، ولا تتدخل هي في تطوير الأعمال. تؤمن هند في عملها بأهمية البرامج الإرشادية، وأهمية توظيف حديثي التخرج، لا بغرض توفير المال، لأن مرتباتهم تكون عادة قليلة، ولكن بغرض إعطائهم مساحة للتعلم واكتشاف الذات.
فيما يتعلق بزيادة الوعي بأهمية المحتوى العربي على الإنترنت، قالت هند إن المستثمرين بدئوا تدريجيًا في إدراك أهميته، أو حقيقة إن له أن يجلب دخلًا كبيرًا، خاصة مع ثورة 25 يناير، والتي أدت إلى إثراء المحتوى العربي على الإنترنت كما ترى هند. قبل ذلك، كانت المنتديات هي أكبر مصدر للمحتوى، ومنها منتدى “فتكات” الشهير، وتصف هند محتواه بالمحتوى منخفض الجودة، ورغم ذلك كان يدر دخلًا كبيرًا جدًا، ولهذا السبب تعتقد هند في أهمية المحتوى عالي الجودة، والذي بدوره قد يدر دخلًا أكبر وأفضل.
عند سؤالها عن رد فعل الأسرة لتركها لعملها وإنشائها شركتها، قالت هند إن أسرتها متمثلة في والدتها كانت داعمة جدًا لها، رغم تخوفاتها في البداية بعض الشيء. توفي والدها بفترة طويلة قبل قرار هند بالانتقال إلى شركتها الجديدة، ولكنها تؤكد أن رغم تحفظه الظاهري، كان قد أعطاها الحرية الكاملة في حياتها. تزوجت هند بعد ذلك، وتقول إن زوجها أيضًا يدعم عملها بشكل كامل، بالكلام وبالأفعال. تتحدث هند أيضًا عن قرارها الواعي بعدم الإنجاب، لأنها ليست مستعدة لترك عملها والتركيز على تربية الأطفال.
من ضمن التحديات التي واجهتها هند كانت استقالة فريق كامل من المطورين عند تعيينها في أحد الشركات، لمجرد أنهم لا يتحملون فكرة أن تكون مديرتهم سيدة وأيضًا غير محجبة. تعمدت هند أن تستبدل الفريق المستقيل كله بفريق آخر من الفتيات. تتفهم هند أيضًا أن بعض الفتيات قد يتوجسن من فكرة المديرة السيدة، ولكنها تؤكد أنها ليست مشكلة جندر، بل مشكلة شخصية، فبعض الشخصيات تدير العمل بحدة وقسوة، والبعض الآخر يتعامل بلطف.
في سياق متصل حول ديناميات الجندر والأعمال، أكدت هند أن العملاء أنفسهم لا يجدون مشكلة في التعامل معها كمديرة، حتى في المملكة العربية السعودية، حيث تؤمن أن المرأة قادرة على فرض ذاتها من خلال خبرتها وجديتها. عند سؤالها عما إذا تردد بعض المستثمرين قبل الاستثمار في شركة تملكها امرأة، قالت هند إن العكس صحيح، فهم يدركون أن النساء أكثر مسؤولية من الرجال فيما يتعلق بالأعمال، وأنهن يترددن كثيرًا قبل القيام بأي خطوة. ترى هند أيضًا أن هناك فارق بين الرجال والنساء عندما يتعلق الأمر بالعمل، فكما قالت مسبقًا، تفكر النساء كثيرًا قبل الإقدام على أي خطوة، أما الرجال فترى هند أنهم أكثر تسرعًا. لهذا ترى هند أن الاستثمار في النساء في العمل له عائد أفضل من الاستثمار في الرجال. تحدثت هند أيضًا عن بعض السخافات التي قد تتعرض لها النساء في مواقع الإدارة والقيادة، ومنها إيعاز أي سلوك يصدر منها إلى “المشكلات الهرمونية” مثلًا كما يقال عادة. تقول هند إنها تعرضت لموقف في هذا السياق حيث حدث خلاف مع أحد موظفيها، وحاولت الاعتذار له، إلا أنه تقدّم باستقالته، قائلًا إنه رجل تقليدي، ومن غير المقبول بالنسبة إليه أن ترفع امرأة صوتها أمامه. لهذا ترى هند أنه من المقبول للرجل أن يظهر غضبه في المجتمع، أما النساء فلا.
أما عن فيروس كورونا المستجد، وتأثيره على عمل هند ومجال الأعمال بشكل عام، قالت إنه ترك أثرًا كبيرًا على هذا المجال، فبعض الشركات استغلت الظروف وأقالت بعض موظفيها أو خفضت من مرتباتهم. أما عن عمل هند، فقالت إنه لم يتأثر كثيرًا حيث إن عملها يعتمد اعتمادًا كبيرًا على شبكة الإنترنت كشركة تعمل في مجال الوسائط المتعددة الرقمية. ولكن هذا لا ينفي حدوث نوع من أنواع التأثير السلبي على عمل هند، حيث تقول إن بعض العملاء قللوا من ميزانية التسويق الخاصة بهم بدافع الخوف. إلا أنها تؤكد أن القطاع عاد ثانية للانتعاش لأن العالم أدرك أن الإغلاق ليس حلًا لأزمة كورونا، فهي جائحة، أي ستستمر لسنوات غير قليلة. أما عن كيفية تكيف هند مع جائحة كورونا، قالت إنها أمضت وفريقها أربعة أشهر يعملون من المنزل اتقاء للفيروس في بداياته، إلا إن هذا كان لظروف قهرية، ولكنها ضد العمل من المنزل بشكل عام لإيمانها الكبير بأهمية التواصل وجهًا لوجه مع فريقها.
هكذا غطت هذه المقابلة جوانب متعددة من شخصية هند وعملها في مجال الوسائط المتعددة الرقمية، والتحديات التي واجهتها وتواجهها في سبيل إثراء المحتوى العربي على الإنترنت.
37498197(202)+
37497527(202)+
12 شارع سليمان أباظة، الدقي – الجيزة.