مؤسسة المرأة والذاكرة عضو في
الرابطة الدولية لمتاحف المرأة

هند رستم

( 1931 - 2011 )
كلمات مفتاحية
الأرشيف

هند رستم

ممثلة

في هذه المقابلة تتحدث هند رستم، إحدى رائدات فن التمثيل في السينما المصرية والعربية، عن مسيرتها الفنية التي أثمرت عن 125 فيلماً سينمائياً شاركت فيها مع كبار المخرجين، ومنهم حسن الإمام ويوسف شاهين وفطين عبد الوهاب وصلاح أبو سيف وعلي بدرخان. شاركت هند في عدد كبير من الأفلام الهامة في تاريخ السينما المصرية، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم “الخروج من الجنة”.

تحدثت هند عن نشأتها ما بين عائلة والدها ذات الأصول التركية، والتي اتسمت بالشدة والصرامة، وأسرة والدتها التي كانت تتمتع بقدر أعلى من التسامح والطيبة، ولكن مع الحفاظ على الانضباط والنظام. التحقت بمدرسة سان دي بول وهي مدرسة راهبات فرنسية بالإسكندرية، وعن نفسها تقول: “كنت تلميذة مطيعة جدا، هادية الطبع قوي، يحبوني جداً في المدرسة”. ظلت بالمدرسة حتى أصبح عمرها 9 سنوات، ثم انتقلت إلى منطقة جاردن سيتي بالقاهرة للعيش مع والدها ضابط البوليس، والذي كان قد انفصل عن والدتها، ووفقاً للقانون آنذاك، كانت الفتاة تنتقل للعيش مع والدها في سن التاسعة. التحقت بعد ذلك بالمدرسة الألمانية بباب اللوق لمدة عام واحد فقط، ثم تركتها لظروف الحرب وانتقلت لمدرسة الفرنسيسكان الفرنسية، ولكنها تركت الدراسة قبل حصولها على شهادة البكالوريا بسبب تنقلها المتكرر مع والدها، نظراً لظروف عمله، وبسبب نفس الظروف، عاشت فترة مع عائلة والدها التي اتسمت بالصرامة الشديدة في تربيتها، وكما تتذكر: “مافيش بنت تخرج لوحدها، مافيش تبص من الشباك، يكون في البلكونة اللي قدامك في شبان، علقة على الحكاية دي مثلاً. يعني اللي هو التربية القديمة بتاعت زمان، بتاعت جدتك”. عندما أصبح عمرها 15 عاماً، انتقلت مرة أخرى للعيش مع والدتها، ولكن في القاهرة هذه المرة. وتتحدث عن والدتها وعن طيبتها وصدقها الشديدين، وعن وفاتها في سن صغير، حيث كان عمرها 42 عاماً فقط، وكان عمر هند حوالي 25 عاماً.

بدأت هند العمل في مجال التمثيل وعمرها 15، وتحكي قصة بدايتها التي جاءت عن طريق الصدفة، وذلك أثناء مشاهدتها لأحد أفلام الفنانة ليلى مراد بسينما كوزموس ولم يبق إلا تذكرة واحدة بنوار، وهنا عرضت عليها إحدى الفتيات المتواجدات بالسينما أن تتشاركا البنوار. وبالفعل تشاركتاه وتعرفتا على بعضهما البعض واستمر بينهما الحديث، وبعد العرض أبلغتها الفتاة أنها ذاهبة إلى أحد مكاتب السينما وسألتها إذا ما كانت لديها الرغبة في الذهاب معها. فرحت هند معتقدة أنها سترى العديد من النجوم هناك ووافقت على الفور. وهناك التقت بالمخرج محمد عبد الجواد، ومساعده آنذاك عز الدين ذو الفقار، وأيضاً المنتج حسين حلمي المهندس. طلب منها عز الدين ذو الفقار العمل معهم في الفيلم بعد أن تأكد من كونها مصرية الجنسية. وبالفعل بدأت العمل في أول أفلامها واسمه “أزهار وأشواك”. وذلك رغم أنها لم تكن تتخيل أنها ستصبح ممثلة كبيرة ونجمة في يوم من الأيام، وكان حلمها وهي صغيرة أن تصبح طبيبة، أما بعد تركها للمدرسة، فقد حلمت بالزواج والأسرة.

لم تعترض والدتها على عملها في مجال التمثيل، بالعكس رحبت بذلك. ولكنها لم تبلغ عائلة والدها، وعندما تم عرض الفيلم، قاطعتها عائلة والدها على الفور، ولم تعد العلاقات معهم إلا بعد زواجها فيما بعد، وكما تقول: “ماكانش متشفع لي إن أنا اسمي هند رستم لا، هي بقت حرم فلان، دي الشفيعة الوحيدة إنما غير كده لا”. لم تتفهم هند أسباب رفض عائلتها والمجتمع بشكل عام لمهنتها، وكما تقول: “أنا ما عرفش يعني أبسط حاجة في القضاء، ماكانوش ياخدوا بشهادة الممثل، ده يعني إيه؟ يعني إيه يعني أراجوز يعني مثلا ده ولا إيه؟ بالعكس أنا بابص للفنان بانه العين التانية في المجتمع، أنا واحدة بمثل حياة موجودة في مجتمعنا، أنا بمثلها بأوجهها، بفتح عين الإنسان البسيط اللي ما فتحش كتاب، باقول له والله الطريق ده كذا والطريق ده كذا والتصرف ده كذا، يعني بشرح للمجتمع اللي أنا فيه الحياة اللي موجودة، قصص موجودة في حياتنا بنطلعها لك، فأنا بشوف إن الممثل ده مدرس. فكان وقتها بقى طبعاً ده عيب وكده. بعد كده النهاردة اختلفت النظرية لحد ما، مش قوي إنما لحد ما برضه”.

بدأت من هنا مسيرتها السينمائية، وقامت بأدوار ثانوية فقط لمدة 7 أعوام، حتى حصلت على أدوار البطولة. استمرت هذه المسيرة لمدة 30 عاماً، اعتبرتها هند 30 عاماً من الكفاح، فكما تقول: “بتبقى ملتزم بحاجات كتير قوي، متقيد…. ملتزم بعادات وأكل معين، نوم بدري عشان الوش يبقى دايماً رايق طالما أنت ما عندكش شغل…. وطبعا بتاكل أكل معين على القد، دايماً ماكياج دايماً ماسكات على طول، عارف الواحد زهق من الحاجات دي، ما دي كلها مش حياة طبيعية يعني أنت ماشي على وزن معين زي الملاكم أو زي المانيكان مثلاً…. كان شغلتنا متعبة جداً لعلمك، متعبة قوي قوي قوي، يعني تبص تلاقي متطلب منك مشهد… يعني أنا في الراهبة عملت مشهد، رقدت فيه، ما رقدتش كمان كان عندي حرارة 40 وكنت باتعلم رقصة الدبكة وأنا عندي 40 حرارة، لأن ده بره ما فيهاش هزار، لو رقدت يوم يكلف الشركة بلاوي، آه الشركة تتكلف بلاوي، ليه لأن السبب إن نزلني حسن الإمام الله يرحمه في نبع، النبع ده لو تحط إيدك فيه صباعك يوقف من البرد، نزلت أنا وإيهاب فيه لما وقعت، لما عملت إني وقعت”.

تتحدث هند أيضا عن ثورة 1952 وتأثيرها الإيجابي في مجال السينما والفن بشكل عام، فتقول: “دفع السينما دفعة حلوة… الله يرحمه عبد الناصر، خلا للفنان قيمة، بلا جدال”. وتتذكر نشاطها الخيري والاجتماعي في القيام بجمع التبرعات والملابس خلال فترات الحروب، وقد شاركتها الفنانة تحية كاريوكا في جمع التبرعات. كما تتذكر الاشتراك في حفلات مع الفنان فريد الأطرش والفنان عبد الحليم حافظ من أجل جمع التبرعات.

ترى هند أن حياتها الاجتماعية تأثرت كثيراً بعملها، حيث أصبح عملها هو حياتها الخاصة، ولا يوجد لديها الوقت الكافي لحياة اجتماعية طبيعية، أو للسفر الذي أحبته ولم تجد له أيضاً الوقت الكافي، وكما تقول: “يعني ما عشتش الحياة الحلوة في سن حلو كده، لأ ما عشتهاش. عشتها في البلاتوه، في الشغل”. ولكنها استطاعت أن تكوِّن عدداً من الصداقات داخل الوسط الفني، وتذكر منهم الفنان رشدي أباظة والفنان صلاح ذو الفقار.

حرصت بعد زواجها دائماً على خلق التوازن ما بين عملها وبين أسرتها، حتى اعتزلت التمثيل وعمرها 45 عاماً، وتفرغت تماماً لأسرتها.

تفتخر هند بعملها مع كبار المخرجين المصريين، وباختلاف أدوارها وتنوعها خلال مسيرتها الفنية، وبأنها لم تعتمد على أحد خلال مشوارها الفني إلا على نفسها وإصرارها الذي وصل إلى حد التحدي والعند في بعض الأوقات، وكان السبب في أن يطلق عليها المخرج الكبير حسن الإمام اسم “عند رستم”.

مساء dmc - لقاء مع بنت هند رستم وتكشف كواليس الحياة الشخصية لنجمة السينما المصرية -
هنا العاصمة - حلقة خاصة عن الفنانة الراحلة هند رستم وكواليس حياتها الفنية والشخصية - الجزء 1
جزء من لقاء محمود سعد مع هند
بسنت ابنة هند رستم تستعرض ملابسها واكسسواراتها الشهيرة التي ظهرت بها في أعمالها الفنية